«العهد» لفرقة «الشعبي» أقوى عروض مهرجان مسرح الطفل
العرض قدم تكوينات بصرية وحركية جذابة ورشيقة
حققت «العهد» لفرقة المسرح الشعبي نجاحاً جماهيرياً وفنياً، بحضور استثنائي للفنانين طارق العلي وليلى عبدالله.
حققت «العهد» لفرقة المسرح الشعبي نجاحاً جماهيرياً وفنياً، بحضور استثنائي للفنانين طارق العلي وليلى عبدالله.
اختتمت فرقة المسرح الشعبي عروض الدورة الأولى للمهرجان العربي لمسرح الطفل أمس الأول، بواقع عرضين لمسرحية «العهد» إعداد وإخراج فيصل الفيلكاوي على خشبة مسرح التحرير بكيفان.لقد اختار معد ومخرج العرض رواية عظيمة وخالدة هي «البؤساء» للكاتب الفرنسي فيكتور هوغو، التي تم تناولها بأشكال مختلفة بالاسم نفسه على خشبة المسرح كعرض مسرحي كلاسيكي وباليه وأوبرا وتابلوه غنائي، أو فيلم سينمائي، فهي منذ القرن التاسع عشر ميلادي لا تزال نهراً لا ينضب وحقلاً خصباً لتجارب الفنانين الجديدة، لأنها تصلح لكل مكان وزمان، فلا يحدها وقت معين.
«بؤساء» هوغو تنتقد الظلم الاجتماعي كجحيم بشري، طالما يوجد فقر مدقع على الأرض، إذ تناول في روايته طبيعة الخير والشر، وفي عرض «العهد» يتم تناول الخطوط الرئيسة للرواية من خلال شخصية «كوزيت» التي جسدت قضية إنسانية، تسلط الضوء على حياة البؤساء في المجتمع، إذ عانت ألم البعد عن والدتها، التي وثقت بشنايدر وزوجته تاركة ابنتها في رعايتهما وحمايتهما في الفندق، لكنهما قاما باستغلال هذه البريئة «كوزيت» في كسب المال، وأثناء ذهابها إلى بئر الماء تسقط منها قطعة نقدية، تلتقي بألفريدو الذي حيكت مؤامرة ضد أبيه الشجاع والغني، فأصبح لا يملك شيئاً، ويحكي قصته لها وهي كذلك، ثم يشعر بالسعادة والقوة عندما يجتمع بصديقه المخلص السجين روميو.وبفضل «كوزيت» يتعاهد كل من روميو وألفريدو ومنظفي المداخن الذين يشاركونها المعاناة والألم على تقاسم الافراح والأتراح، والتعاون في كل شيء، التعامل بمحبة، ومساعدة المحتاجين في أي وقت، وعدم اخفاء أي أمر عن المجموعة المتعاهدة، فيتقدم «الطباخ» لإفشاء سر كان يخفيه يتلخص في موت أم «كوزيت»، التي تحزن حزناً شديداً عليها.وفي أول خطوة لهم يجمعون المال من أجل شنايدر وزوجته ليسددا ديونهم، ويلتف الجميع في مواجهة الشرير «الغراب» والقضاء عليه. لقد أحسن المعد المخرج اختيار النص المناسب الذي ينطلق منه، والانتقاء الصحيح سيؤدي حتماً إلى مساحة كبيرة من النجاح، وهذا ما تحقق فعلاً شكلاً ومضموناً، وأفلح في إيجاد معادلة إيقاعية سليمة لعناصر العرض المسرحي.واستطاع المخرج بعناصر السينوغرافيا أي يذيب النص في تكوينات بصرية وحركية جذابة ورشيقة جداً، والتشكيلات الراقصة لمجموعة الممثلين وانفعالاتهم مع مفردات العرض، ولعل أروع المشاهد هي «الشمسيات» وأغنية «الأم» حينما تحولت المجاميع البشرية إلى شجرة تتلاعب أغصانها كالأم الحنون، وكان توظيف الاستعراض غير مقحم بل أتى ضمن السياق الدرامي، امتاز بالدقة والتدريب المتقن، من دون أخطاء أو خلل.ونجح العرض في توظيف الإضاءة بتدرجات جذابة، وبمؤثرات لها دلالتها في كل موقف وحدث، كما أضفت متعة جمالية لإمتاع المتفرج.لعبت الموسيقى والألحان دوراً كبيراً في إيقاع العرض، إلى جانب النصوص الشعرية الغنائية التي تم صياغتها بعناية لتناسب أحداث العرض المسرحي. كما جاءت الأزياء مناسبة ومعبرة عن طبيعة كل شخصية في العمل.أما الممثلون فقد نجحوا بكل ما يملكونه من طاقة إيحائية تعبيرية والارتفاع بمستوى العرض، ومن الاستثناءات الفنان الكبير طارق العلي في تأديته لشخصية «شنايدر»، والممثلة ليلى عبدالله التي أعلنت من خلال أدائها الرائع ظهور نجمة مسرح طفل جديدة في الكويت.يبقى أن نقول أن فرقة المسرح الشعبي من خلال مسرحية «العهد» قدمت عرضاً راقياً جداً يحمل قيماً تربوية، وكان مسكاً لختام عروض المهرجان.