قرر العاهل المغربي الملك محمد السادس مساء الاحد سحب عفوه عن اسباني حكم عليه القضاء بالسجن 30 عاما بعد ادانته باغتصاب 11 طفلا مغربيا، وذلك في خطوة "استثنائية" ترمي الى تهدئة الاحتجاجات الواسعة التي عمت البلاد بعد الافراج عن المعفي عنه ومغادرته الاراضي المغربية.

Ad

وقال الديوان الملكي في بيان اوردته وكالة الانباء المغربية الرسمية مساء الاحد ان الملك محمد السادس "قرر سحب العفو الملكي الذي سبق وأن استفاد منه المسمى دانييل كالفان فيينا الإسباني الجنسية"، موضحا ان "هذا السحب الاستثنائي يأتي اعتبارا للاختلالات التي طبعت المسطرة، ونظرا لخطورة الجرائم التي اقترفها المعني بالأمر، وكذا احتراما لحقوق الضحايا".

واشار البيان الى انه "تبعا لهذا القرار السامي، فقد أصدر جلالة الملك أوامره المطاعة لوزير العدل قصد التدارس مع نظيره الإسباني بخصوص الإجراءات التي يجب اتخاذها عقب قرار سحب هذا العفو".

وذكر البيان بان الملك سبق وان امر مساء السبت بفتح "تحقيق معمق من أجل تحديد المسؤوليات ونقط الخلل التي قد تكون أفضت لإطلاق السراح الذي يبعث على الأسف".

وكان الديوان الملكي اعلن في بيان مساء السبت ان الملك امر بفتح "تحقيق معمق" في ملابسات شمول العفو الملكي الذي اصدره عن حوالي خمسين سجينا اسبانيا، السجين فيينا المدان باغتصاب 11 طفلا مغربيا تتراوح اعمارهم بين 4 و15 عاما، مؤكدا انه لم يتم ابلاغه "بخطورة الجرائم الدنيئة" التي دين بها الاسباني، ومعربا عن "اسفه" للافراج عنه.

وقال الديوان الملكي في بيانه مساء السبت ان الملك "لم يتم بتاتا إطلاعه بأي شكل من الأشكال وفي أية لحظة بخطورة الجرائم الدنيئة المقترفة التي تمت محاكمة المعني بالأمر على اساسها".

واضاف ان الملك و"بمجرد أن تم إطلاعه على عناصر الملف، قرر ان يتم فتح تحقيق معمق من أجل تحديد المسؤوليات ونقط الخلل التي قد تكون أفضت لإطلاق السراح هذا الذي يبعث على الأسف".

وكان الديوان اعلن الاربعاء ان العاهل المغربي وافق على التماس من نظيره الاسباني الملك خوان كارلوس خلال زيارته الاخيرة للمغرب بالعفو عن 48 سجينا اسبانيا، ولكن قرار العفو اثار فضيحة في البلاد بعدما تبين ان أحد المعفي عنهم ويدعى دانييل غالفان فينا وهو في العقد السادس تمت ادانته باغتصاب 11 طفلا مغربيا وحكم عليه بالسجن 30 عاما قضى منها خلف القضبان في سجن القنيطرة اقل من عامين.

وفي بيانه السبت اكد الديوان ان الملك "لم يكن قط ليوافق على إنهاء إكمال دانيل لعقوبته بالنظر لفداحة هذه الجرائم الرهيبة التي اتهم بها".

واضاف ان التحقيق الذي امر به الملك يرمي الى "تحديد المسؤول أو المسؤولين عن هذا الإهمال من أجل اتخاذ العقوبات اللازمة"، مضيفا انه "ستعطى التعليمات أيضا لوزارة العدل من أجل اقتراح إجراءات من شأنها تقنين شروط منح العفو في مختلف مراحله".

وبحسب وسائل اعلام في كلا المملكتين فان المعفي عنه غادر الاراضي المغربية الى اسبانيا، وبالتالي يتحتم على السلطات المغربية الطلب من نظيرتها الاسبانية القاء القبض عليه.

وفي هذا السياق قال السفير الاسباني في المغرب البرتو نافارو لصحيفة "إل بايس" ان البلاغ الملكي المغربي "يمهد الطريق" امام طلب تتقدم به الرباط الى مدريد لكي يقضي المعفي عنه مدة العقوبة المتبقية له، اي 28 عاما، في السجن في اسبانيا.

واثار الافراج عن المدان الاسباني غضبا عارما واحتجاجات واسعة في البلاد لا تنفك رقعتها تتسع. وعلى ما يبدو فان الاعلان عن قرار سحب العفو لم يهدئ غضب الشارع في الحال.

ومساء الاحد تظاهر المئات في القنيطرة (شمال غرب)، المدينة التي اقام بها المدان الاسباني وسجن فيها ايضا، كما افاد مراسل وكالة فرانس برس.

وجرت التظاهرة في ظل انتشار كثيف لرجال الشرطة وانتهت من دون وقوع اي حادث، وقد عبر خلالها المتظاهرون عن رضاهم على قرار الملك سحب العفو لكنهم طالبوا بالكشف عن كل ملابسات هذه القضية.

ويعتزم المحتجون الاستمرار في تحركهم وقد دعوا الى تظاهرات جديدة في الدار البيضاء والرباط الاسبوع المقبل، بعد ان قامت الشرطة مساء الجمعة بمنعهم بالقوة من التجمع امام البرلمان في الرباط مما اسفر عن مواجهات اوقعت عشرات الجرحى.

ونظمت تجمعات اخرى في شمال المملكة في طنجة وتطوان وقامت الشرطة ايضا بتفريقها بالقوة.

وفي حزيران/يونيو تظاهر مئات المغربيين في الدار البيضاء لادانة العنف ضد الاطفال في المغرب.

وفي 20 حزيران/يونيو اعتقلت الشرطة بريطانيا يشتبه بتحرشه جنسيا باطفال بعد ان سمع سكان صراخ فتاة في السادسة من العمر قام بخطفها.

وفي ايار/مايو قضت محكمة في الدار البيضاء بسجن فرنسي في الستين من العمر 12 عاما بعد ادانته بالتحرش جنسيا باطفال.

ولم يقف الاستياء الشعبي عند حدود المغرب بل تعداه الى اسبانيا حيث اعلن الحزب الاشتراكي الاسباني المعارض السبت انه سيستجوب وزير الخارجية بشأن العفو. وقال الحزب في بيان ان نائبة رئيس الحزب الاشتراكي ايلينا فالنسيانو "تعتبر العفو عن شخص محكوم بالسجن ثلاثين عاما لاعتدائه على 11 طفلا امرا غاية في الخطورة. وتطلب من الحكومة الاسبانية تقديم توضيحات على الفور".

واضاف البيان ان فالنسيانو ستطرح سؤالا شفهيا امام البرلمان لطلب "تفسير عاجل" من وزير الخارجية خوسيه مانويل غارثيا-مارغالو بشأن هذا القرار الذي اثار "الكثير من الاستياء والانفعال في بلد مجاور وفي اسبانيا كذلك".

وقال الحزب انه يريد ان يعرف من هي الادارة الحكومية التي اقترحت العفو عن هذا الشخص وان "كان الوزير تحقق من كون الاسماء المقترحة للعفو ملائمة ولا يمكن أن تسىء للبادرة المنسوبة للملك".