وجهة نظر: أولويات تقوض دعائم الاقتصاد الكويتي!
نشأت مؤسسة التراث «Heritage Foundation» عام 1973 بهدف دعم السياسات الاقتصادية المحافظة أي سياسات «التحرر الاقتصادي»، وهي مؤسسة أبحاث ودراسات أميركية خاصة تمولها محافظ وشركات وأفراد. هذه المؤسسة أخذت على عاتقها على مدى أكثر من عقد من الزمن بالتعاون مع صحيفة «وول ستريت جورنال» نشر مؤشر دولي ذائع الصيت هو مؤشر الحرية الاقتصادية.ويتكون هذا المؤشر من 4 مقاييس رئيسية تتضمن 10 معايير فرعية وهذه المقاييس والمعايير هي: سيادة القانون ومعاييرها مدى احترام حقوق الملكية الخاصة والتحرر من الفساد، والحرية المالية، ومعاييرها حرية التصرف بالأموال وكفاءة الانفاق العام، والكفاءة التنظيمية، ومعاييرها هي حرية ممارسة الأعمال، وحرية العمل، والحرية النقدية، وانفتاح الاسواق ومعاييرها حرية التجارة وحرية الاستثمار وحرية نشاط التمويل. ويشمل قياس المؤشر 185 دولة من دول العالم.
في النسخة الأخيرة من تقرير هذا المؤشر حلت دولة الكويت في المرتبة 66 على المستوى العالمي والمرتبة السابعة على مستوى دول منطقة «الشرق الأوسط». ويشكل هذا الترتيب تقدما للكويت بخمسة مراكز مقارنة بما كانت عليه في عام 2012، غير أنه يمثل أيضا تراجعا بخمسة مراكز عن عام 2011، و24 مركزا عن عام 2010. وقد بلغ مجموع النقاط التي حصلت عليها الكويت في مؤشر هذا العام 63.1 نقطة من مئة، أي بزيادة 0.6 نقطة عن نقاطها في عام 2012. ويقول التقرير ان هذا التحسن متصل بدرجة سيطرة الحكومة على الانفاق العام.ويبين التقرير أن تقدم الكويت نحو مزيد من الحرية الاقتصادية هو أمر غير ثابت وغير مستقر بل يحدث بصورة غير منتظمة، ويرجع ذلك الى العديد من التحديات التي تحول دون انتقال البلاد الى مزيد من التحرر والانفتاح. ويقول التقرير انه على الرغم من ان اداء الكويت يعد جيدا في العديد من جوانب الحرية الاقتصادية، فان عناصر مثل محدودية القطاع الخاص، وتفشي العيوب والنقائص المؤسساتية الناتجة عن بيروقراطية الدولة، واستمرار الفساد، تفرض العديد من القيود على الحرية الاقتصادية. ويشير التقرير الى السلبيات التي تتصل بقطاع الأعمال مثل تباطؤ الدورة المستندية التي تستغرق أكثر من المتوسط العالمي الذي يصل الى 30 يوما، والعقبات الادارية البيروقراطية التي تضيف الى تكلفة تراخيص الأعمال. كما يقول في معرض تناوله مقياس سيادة القانون ان الاطار القانوني يعوزه التطور، وان سيادة القانون مازالت ضعيفة، وان نظام التقاضي يتصف بعدم الكفاءة. وقد حصلت الكويت على مراكز ضعيفة في معايير هذا المقياس حيث كان نصيبها 46 نقطة فقط من مئة في المعيار الخاص بمدى التحرر من الفساد، و50 نقطة من مئة في المعيار المتعلق بحقوق الملكية.هذه النواقص والسلبيات التي يعرضها تقرير المؤشر العالمي للحرية الاقتصادية ليس فيها من جديد سوى أرقام النقاط والترتيب على السلم العالمي، أما هي فتكررت على مدى عدة سنوات في مئات التقارير المحلية والاقليمية والعالمية، وأشار لها معظم الباحثين في الشأن الاقتصادي في دراساتهم وندواتهم العامة، وصرح بها رجال الأعمال في لقاءاتهم الاعلامية ومداخلاتهم في الندوات والمؤتمرات والمحافل الدولية، بل وكررها شاكيا متخذ القرار في أكثر من موقع رسمي.والسؤال المستحق الطرح أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية هو: أين تقع كل هذه العناوين العريضة من السلبيات التي تقوض دعائم الاقتصاد الكويتي في قائمة أولويات التشريع والتنفيذ؟* أستاذ الاقتصاد – جامعة الكويت