الفنانون والتطرف... انتهازية ومصلحة و توبة موقتة
ما زالت قضية الفنان فضل شاكر الذي اعتزل الغناء وتحوّل إلى الجهاد في سبيل قضية يراها محقة من وجهة نظره، تثير جدلاً في الأوساط الفنية وفي أوساط العامة على السواء، وبرزت علامات استفهام حول الدوافع التي تؤدي بالفنان إلى اعتناق رأي سياسي معين أو تغيير مسار حياته من مطرب يغني الحب إلى ثوري يتخذ من العنف وسيلة للدفاع عن القضية التي يؤمن بها.
يؤكد د. سعيد عبد العظيم، أستاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة، أن المطرب اللبناني فضل شاكر تعرّض لغسيل دماغ ممنهج تم خلاله زرع أفكار حول أهمية الجهاد بوصفه الطريق الوحيد الذي يقربه من المولى عز وجل، مشيراً إلى أن هذا الأمر يمكن أن يحدث مع الجميع على رغم تلقي البعض أعلى درجات التعليم، «لأن التركيز فيه يكون على الجانب الديني بما له من تأثير قوي على أي شخص في بحثه عن أعلى درجات الإيمان، من هذا المنطلق أراد فضل شاكر التكفير عن عمله السابق الذي أدى إلى ارتكاب المعاصي كمطرب وكفنان والتوبة قبل أن يتجه إلى الجهاد في سبيل الله، لذا أضحى أعمى البصيرة ينفذ الأوامر».يضيف عبد العظيم: «المعتاد أن يتم غسيل الدماغ لشباب دون العشرين أو الثلاثين عاماً، يتربون في أحضان هذه الجماعات الدينية والجهادية، أما أن يتعدى الشخص منتصف الأربعينيات من عمره ويتحول، فهذا أمر صعب، ويرجح أن شيخاً قام بالمهمة ليتمكن من التأثير في فضل شاكر، مع الاستعانة بأشخاص على علم بمفاتيح شخصيته، ليحوله إلى النقيض في غضون أشهر قليلة».
يرجح عبد العظيم عودة شاكر إلى طبيعته ولكن بعد ردع قانوني، فأغلب الجهاديين يعودون عن فكرهم بعد تجربة مريرة ومعاناة وتعذيب في المعتقلات والسجون.تبدل في المواقفتعليقاً على تمسك فنانين بتأييد نظام حاكم أو رئيس بعينه، يوضح عبد العظيم أن هؤلاء يكونون من المستفيدين من النظام السابق، إلا أنهم استُبعدوا أو حُجّموا في النظام التالي وتوقفت استفادتهم... فمثلاً إذا كان فنان ما مؤيداً لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك فلن يقبله «الإخوان المسلمون» والحكم الديني، لأنه صُنّف ضمن النظام السابق، فيما آخر يعتبر تبعيته لنظام سابق وفاء له وأملاً في عودة النظام ليخدم مصالحه. أما الثالث فيمثل الذين يتسمون بالعاطفة ومعظم الشعوب على هذا النحو.في المقابل، يرى عبد العظيم في مساندة فنانين لأي نظام حاكم نوعاً من الانتهازية، إذ يكون الفنان مع السلطة الحاكمة ويلغي فكره ونفسه لتأييدها، ويرجع ذلك إلى شخصيته التي لا يكون لها مبدأ أو بالعامية «يمشي مصلحته»، ومن ثم يسهل «قمعه». قناعات ومصالحيشير الناقد الفني طارق الشناوي إلى أن مواقف النجوم تجاه الأوضاع السياسية تتفاوت من شخص إلى آخر، كل وفقاً لقناعاته ومصالحه، يقول: «التمسّك إلهام شاهين بالدفاع عن مبارك خدمة لمصالحها وعاطفتها تجاه الرئيس السابق. أما الممثل الشاب أحمد عيد فلديه قناعة بأن الشرعية لمرسي ولن يغيرها، وهذا رأيه ويُحترم بغض النظر عن اختلاف الوجوه. أما عادل إمام فكان مؤيداً لمبارك ثم أيد الثورة ولم يعلق على مرسي، في حين سيعود الآن إلى دعم مبارك».يضيف: «ثمة نجوم آخرون يسيرون مع أي سلطة خدمة لمصلحتهم مثل محمد فؤاد الذي قال دعما لمبارك: «مستعد أن أقبّل قدم كل شخص ليرحل من ميدان التحرير»، ثم ظهر بعدها ليغني للثورة ويعلن دعمه لها، ثم ظهر مجدداً في أحد احتفالات الجيش ليقول للسيسي: أخويا الشهيد بيسلم عليك».يتوقع الشناوي أن يدعم فنانون كثر في الفترة المقبلة الجيش والإدلاء بتصريحات تؤكد هذا الدعم، بوصفه القوي المتحكم، «الجميع يعرف أن الرئيس المؤقت عدلي منصور صاحب منصب شرفي، والسلطة الحقيقية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، كما أن للقوات المسلحة مكانة خاصة عند المصريين ما يزيد من احتمالات دعمها». يلاحظ الشناوي أن ثمة فنانين لا يعلقون على الأحداث ولا يعلنون تأييدهم لنظام على حساب نظام آخر حتى لا يكرههم الجمهور أو تتكون حولهم سمعة مرتبطة بالنظام المؤيدين له.يلفت الشناوي إلى أن لكل فنان رأيه الخاص الذي يقتنع به وأفكاره، لكن نظراً إلى الشهرة التي يتمتع بها، فإن آراءه السياسية تثير ضجة لدى إعلانه عنها، مبدياً حزنه لفقد الساحة الفنية فضل شاكر، المطرب صاحب الصوت المميز، وتحوله إلى جهادي ورفع دعوى ضده لدى المحكمة العسكرية في بيروت بعد قتله جنديين لبنانيين، ملمحاً إلى أن شاكر يرى أن ما يفعله هو جهاد في سبيل الله ونصرة للسنة الذين يتعرضون للقتل على يد الشيعة.