من أين خرج المجرم العنصري أندريه بريفيك على المجتمع النرويجي المسالم ليقتل ٧٧ شخصا؟ خلفيته الشخصية والاجتماعية تدل على شخصية مضطربة غير ناجحة. حتى بدأ يتدرب في مزرعة صغيرة أحاطها بالسرية لتنفيذ المذبحة التي تمت في يوليو ٢٠١١، وقام بتطوير المدى التفجيري لمواد كيميائية تستخدم في الأسمدة، ومنع أصدقاءه من زيارته واستخدم الإنترنت وأطلق على نفسه لقب قائد فرسان المعبد، وقال إنهم منظمون ضد الشيوعية وضد أسلمة أوروبا، ونشر كتاباً مطولاً يشرح فيه اتجاهاته ومنطلقاته، إلا أن مصادر الشرطة تؤكد أنه لا يوجد دليل على ذلك وأنه كان يعمل بمفرده.

Ad

ادّعى بريفيك أنه فعل فعلته النكراء بقتله شباباً نرويجيين للتصدي لسياسة الهجرة التي يتبناها حزب العمل الحاكم، والتي حسب زعمه ستؤدي إلى سيطرة المسلمين على النرويج، إلا أن ذلك لم يكن صحيحاً وكان كما يبدو غطاء لعنصرية دفينة، فقد أفادت دراسة نرويجية رسمية صادرة في ٢٠١٢ بأن ٨٦٪ من النرويجيين ليس لديهم أي خلفية مهاجرة، أي أنهم شيوخ ذوو عيون زرقاء أصليون، إن جاز التعبير، وأكثر قليلاً من ٦٦٠ ألفاً (حوالي ١٣٪) هم من المهاجرين أو أبناء لمهاجرين من دول جوار أو غيرها، وأن ٤٠٧ آلاف حصلوا على الجنسية النرويجية، وأن ٥١٪ منهم يعودون إلى خلفيات غربية كبولندا وألمانيا والسويد و٤٩٪ منهم إلى خلفيات غير غربية كتركيا والمغرب والعراق والصومال وباكستان وإيران، وأن هناك نمواً ملحوظاً في التزاوج المختلط، حيث بلغت نسبة الزيجات بين النرويجيين وغيرهم من المهاجرين قرابة ٦٪، وبالتالي يتضح بالأرقام أنه ليس هناك حجة على غزو مهاجرين.

كان بريفيك مثله مثل أي عنصري آخر في أي مجتمع بالعالم في الشرق أو الغرب يريد أن يثير صدى كبيراً من خلال جريمته، معتبراً أن ما قام به تضحية بالذات مقابل هدف أسمى لحماية المجتمع من التشوه والأفكار القادمة من مجتمعات أخرى. وربما كانت صدمته أن المجتمع النرويجي لم يتجاوب معه، وتبقى المشكلة في تلك المجتمعات التي تجد تلك الجرائم لها صدى إيجابياً، بل وتجد فيها من يؤيد قتل وتدمير المواطنين الذين يعتنقون مذهباً آخر أو ديناً آخر أو أي شيء آخر.