كيف تستفيد «مايكروسوفت» من صفقة «نوكيا»؟
إذا تمكنت "مايكروسوفت" من تحقيق عملية مزج بارعة بين الأجهزة والبرامج بطرق جديدة، والوصول إلى أسواق جديدة أيضاً، والاستفادة من محفظة براءة اختراع "نوكيا" فإنه يمكن القول، إن مليارات "مايكروسوفت" قد أُنفِقت بشكل جيد.قد تكون "نوكيا" حصلت على الجانب الأفضل من "مايكروسوفت" في الأسبوع الماضي من خلال بيعها أعمال هواتفها، التي كانت تتمتع بهيمنة، لشركة مايكروسوفت، والدخول في اتفاقية براءة اختراع أوسع من خلال اتفاقية بـ7.1 مليارات دولار. وقد تحسّنت أسعار سهم "مايكروسوفت" بشدة نتيجة لذلك - ولا غرابة، لأنه في ضوء هبوط أعمال "نوكيا" فإن هذه الاتفاقية تبدو مثل محاولة يائسة لمنع أكبر شركة مصنعة للهواتف تستخدم ويندوز من التحول إلى نظام أندرويد من غوغل.
ولكن ثمة 4 طرق على الأقل قد تحقق الفوز لـ"مايكروسوفت" في الأجل الطويل. ومع أقل من 4 في المئة من الأسواق العالمية في أنظمة تشغيل الهواتف الذكية فإن لدى "مايكروسوفت" القليل مما يمكن أن تخسره، والكثير، ربما، مما قد تكسبه وهي تحاول التشبث بحصة سوقية من أندرويد وشركة أبل.وفي مايلي الطرق التي تستطيع "مايكروسوفت" من خلالها تحقيق فائدة كبيرة:1 – سكايب، خدمة الهاتف عبر الإنترنت المهيمنة التي تملكها "مايكروسوفت" قد تصبح أكثر قوة. وفي وسع "مايكروسوفت" الآن دفع سكايب عبر لوحة ألعاب إكس بوكس التلفزيونية وأجهزة "نوكيا" وأقراص سيرفس وكل الحواسيب الشخصية وهواتف أندرويد وأبل. وذلك أكثر مما تستطيع أبل أو غوغل معالجته عبر خدمات فيس تايم Facetime وهانغ أوتس HangOuts التحاورية. كما أن سكايب اندمجت بصورة ثابتة وعميقة في ويندوز وستدخل في ويندوز 8.1 على سطح المكتب. وقد تصبح طريقة "مايكروسوفت" لمنافسة شركات الخليوي التقليدية في الصوت والتراسل حيث يمكن تحقيق الأرباح.وبصورة أكثر عمومية، قد تتمكن "مايكروسوفت" الآن من القيام بشيء لا تقدر، "أبل" أو "غوغل" على عمله: دمج الأجهزة الجوالة وسطوح المكاتب بقدر أكبر، لأن قدرة "غوغل" محدودة في هذا الصدد، لأنها لا تسيطر على الحواسيب الشخصية - على الرغم من قيامها بأشياء مثل وضع غوغل "الآن" Google Now وهو المساعد الشخصي الذكي للشركة ضمن موقعها الرئيسي على الإنترنت. وقد طلبت "أبل" من المستخدمين استخدام "آي تيونز" و"آي كلاود" في الآونة الأخيرة لربط هواتفهم بحواسيب الحضن (لاب توب)، غير أن "مايكروسوفت" ربما تتمكن من استخدام سكايب وتطبيقات أخرى أساساً لتجربة أكثر بساطة للأجهزة متعددة الاستعمالات.2 – وإذا وضعنا جانباً براءات الاختراع التي حصلت "مايكروسوفت" عليها فإن "نوكيا" تحتفظ بملكية بعضها التي تعد من أكثر البراءات قيمة وأهمية - وهي تعرف باسم "براءات المنفعة" في صناعة اللاسلكي. وبينما لم تقدم "مايكروسوفت" على شرائها فقد حققت تراخيص لها كلها لعشر سنوات ما وفر لها سيطرة مجانية لا تملكها بالضرورة شركات صنع الهواتف المنافسة.وخلال ما يقارب العقدين الأخيرين من الزمن أنفقت "نوكيا" أكثر من 55 مليار دولار على عمليات البحث والتطوير، وقامت باستحواذ 30000 براءة اختراع، يشمل العديد منها عمليات أساسية ومقاييس لاسلكية مثل "جي إس إم".وكان أحد أكثر براءات الاختراع أهمية لدى "نوكيا" هو ذلك الذي يصف طريقة رسم الخرائط والترجمة المتعلقة بمعلومات ديناميكية، وبعد استحواذها على هذه البراءات،تستطيع "نوكيا" التركيز بقدر أكبر على تحقيق عوائد مالية من وراء تلك الميزة الجوهرية في المحكمة إذا دعت الضرورة. ولم تعد الشركة مضطرة للقلق بشأن دعاوى مضادة تزعم حدوث تعديات تقنية في هواتفها لأنها لم تعد تصنعها أو تبيعها. وإذا قررت "نوكيا" المضي إلى الحد الأقصى فإن رقبة "مايكروسوفت" سوف تكون محمية.وقد أظهرت "نوكيا" اندفاعاً جلياً من قبل. وفي قضية ضد شركة أبل في سنة 2009 زعمت "نوكيا" أن صانعة "آيفون" خرقت 46 براءة اختراع لـ"نوكيا" شملت كل شيء من مقاييس لاسلكية إلى أجهزة تحكم شاشة اللمس.وقبل سنتين، وافقت "أبل" على تسوية. وتحصل "نوكيا" على أكثر من 600 مليون دولار سنوياً على شكل عوائد ذات صلة ببراءة اختراع. وأعلنت "نوكيا" ما يلي: "تعتزم الشركة توسيع برنامجها التقني الريادي ونشر تقنيات تنطوي على قدرة الحركة اليوم وغداً".3 – قد تكسب "مايكروسوفت" مستوى أعمق من مراكز البحث المتطورة جداً، فقد أنفقت "نوكيا" بسخاء على البحث والتطوير، بما في ذلك أكثر من 5 مليارات دولار في العام الماضي وحده، وبلغ عدد موظفيها في قسم البحث والتطوير 27551 عاملاً في نهاية سنة 2012، لكن هذا القسم أخفق في تقديم تقنيات تؤثر في هيمنة "أبل" و"سامسونغ" في ميدان الهواتف الذكية.ويقول المتحدث باسم "نوكيا" أوسكار سودرغرن إنه بينما يظل مركز بحوث "نوكيا" مع الشركة، فإن كل موظفي القسم من ذوي العلاقة بمنتجات الهواتف الجوالة والذكية سينقلون إلى "مايكروسوفت".ويفترض أن هؤلاء الأشخاص هم الذين قدموا لنا أشياء مثل تقنيات "مورف كونسبت" التي تمكن من صنع هاتف أو ساعة مرنة وشفافة تحتوي على طاقة إعادة شحن شمسية وأجهزة إحساس مدمجة.وتقول المتحدثة باسم "مايكروسوفت" كريسي فون إن الشركة لم تعلق على كيفية دمج وحدات البحث، بيد أن الرئيس التنفيذي المستقيل في "مايكروسوفت" ستيف بولمر قال أخيراً: "سوف تبقى فنلندا مركزاً لعمليات بحوث وتطوير هواتفنا".وقالت الشركتان إن كل الموظفين الفنلنديين البالغ عددهم 4700، الذين يعملون الآن في الأجهزة والخدمات، سوف يصبحون ضمن موظفي "مايكروسوفت".4 – تحقق شركات الهواتف الذكية انتعاشاً سريعاً، وهو ما يعني وجود فرصة كبيرة لاسيما في الأسواق الدولية البعيدة عن الإشباع. وتبيع "نوكيا" أكثر من 200 مليون هاتف سنوياً، معظمها خارج أوروبا وأميركا الشمالية.ورغم أن "مايكروسوفت" مطالبة بأن تنافس مجموعات ضخمة من شركات التصنيع المتدنية التكلفة، فقد تتمكن من استخدام شبكات تصنيع وتوزيع "نوكيا" لمصلحتها، مع الافتراض طبعاً أن تقدم أشياء مبتكرة حقاً في الهواتف ذاتها. (ديفيد تالبوت - MIT Technology Reviow)