ضبطت الشرطة امرأة تقود سيارة في شارع من شوارع المدينة المنورة يوم أمس، وأُعلِن في الصحف أن الشرطة خالفتها وكتبت على زوجها تعهداً بعدم العودة إلى هذا الفعل، كما حمل الخبر أن المرأة كانت تقود السيارة وبصحبتها أطفالها وزوجها، الذي قال إنه هو من طلب من زوجته أن تقود السيارة عندما شعر بتعب، وطلب منها أن تأخذه إلى المستشفى.
وما إن نُشِر الخبر في الصحف حتى أطلق بعض السعوديين ضجة مألوفة في "تويتر"، طارحين عدة تساؤلات تحمل منطقاً أقرب إلى الاستواء من الخبر: "ترى ما هي تهمة المرأة؟ خلوه غير شرعية مع سيارة؟ " و"كيف تُوجَّه تهمة إلى امرأة تقود سيارتها ومعها زوجها وأبناؤها، بينما لا يثير حفيظة المجتمع مشهد امرأة تركب مع سائق غريب لا يمت إليها بصلة؟". المنطق الديني السلفي يحرّم وجود الرجال من غير المحارم في خلوة أو حتى في محيط النساء، ولا يتسامح مع هذا بأي حال من الأحوال، لكنه يتسامح بأن يقوم رجل غريب بمهام كي يمنع المرأة من أن تباشرها بنفسها، سواء في عملها أو تنقلها، حتى بدا الأمر مثيراً للاستغراب. ففي الآونة الأخيرة شاهدنا المحتسبين الذين داهموا مكتب وزير العمل مرتين، رافعين شعار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهددوا الوزير بالدعاء عليه كما دعوا وأعلنوا أنهم هم الذين تسببوا في مقتل الوزير القصيبي، لأنه باشر تطبيق قرار يسمح للمرأة بأن تبيع في محلات المستلزمات النسائية، بينما سكتوا ثلاثين عاماً حينما كان رجل يبيع للنساء الملابس الداخلية وسط دكان، كأن من الأهون أن يظل الرجل يبيع طوال تلك السنين على أن تبيع المرأة بنفسها في هذا المحل. والغريب أن مشهد البائعات اللاتي يجلسن على الأرصفة ويبعن العصير والمناديل بل يشحذن لا يثير حفيظة المحتسبين، وكأن هذا ما يليق بالمرأة أكثر من أن تقف بنقابها تبيع داخل محل نسائي لنساء أخريات ملابس داخلية، وكذلك الأمر في قيادة المرأة سيارتها، فقد بدا أن الحل هو في أن يُستخدم الرجل الغريب المسيحي أو البوذي، ويسكن مع المرأة في البيت حتى والزوج مسافر، كي يحمل عنها أطفالها وينفرد معها في مركبتها، فهذا يمكن غض النظر عنه والتسامح معه باسم الإسلام والشريعة.غدت المسألة سخيفة عند بعض الناس، بل بدت مضجرة من كثرة ما ترددت، لكنْ ماذا نفعل ونحن كل يوم نسمع أن الشرطة تقبض على سيدة "هفها" مزاجها أو اضطرت ذاك اليوم إلى قيادة السيارة؟ لتعود هذه المسألة إلى الواجهة، فنسمع الرد نفسه "يالسخافة مطالبكم صار أكبر همهم سواقة سيارة". هذا هو السلاح الجديد لقص رقبة هذا الحق.سيدة سعودية صورت نفسها وظهرت قدمها في جبيرة تمشي على عكاز، وتقود سيارتها ليلاً، وتشرح أنها اضطرت إلى قيادة السيارة كي تزور المستشفى، لأنه يصعب العثور على تاكسي في المنطقة التي تسكنها، وأهلها يعيشون في مكان آخر من السعودية، ثم تختم هذه الشهادة بأن تطالب الحكومة، إما بأن تسمح لها بقيادة السيارة أو تصرف لها راتب سائق لا يحتمل دخلها تكاليفه.ترى هل صرف راتب سائق لكل امرأة أو عائلة هو الحل؟ بعض النساء اليوم يتمسكن بهذا المطلب كي يحرجن الحكومة، لكن الحكومة لم تستطع أن تستمر في صرف إعانات للعاطلات والعاطلين كانت قد بدأت في صرفها منذ عام، فكيف بصرف بدل سائق لمن تحتاج؟ أنا شخصياً أطالب الحكومة بصرف "بدل منطق" عن كل قضية تخص النساء يمشي منطقها على رأسه بدلاً من قدميه!
أخر كلام
خلوة غير شرعية مع سيارة
26-01-2013