أعلن رئيس هيئة الأمر بالمعروف في السعودية أن الهيئة ستقوم بتوظيف النساء ضمن طاقمها، الذي يُعرف أن من مهامه السير في الطرقات لحماية الأخلاق، ومنع الاختلاط بين النساء والرجال في الأماكن العامة، والتأكد من تخصيص أماكن للعائلات تتميز بقواطع عازلة بين كل عائلة وأخرى، كما تمنع دخول النساء محلات مثل بيع الموسيقى، ودخول الفتيان الذين يتجاوز طولهم 120 سم المراكز الترفيهية، وقد رفع الحظر فقط منذ أشهر عن دخول الشباب وحدهم الأسواق التجارية، كما تحظر ركوب النساء دون محرم سيارات الليموزين، وقد أصبح من المشاهد المضحكة أن تشاهد الشباب يفرون عند رؤيتهم رجال الهيئة مقبلين، حتى ولو لم يرتكبوا خطأ. لأن الخطأ ليس هم من يحددونه بل رجال الهيئة.

Ad

رجال الحسبة، كما يحبون أن يصنفوا أنفسهم، عارضوا بشدة عمل المرأة، وقد كانوا من قبل يعارضون تعليمها، رغم أن نسبة بطالة النساء بلغت 89%، بحسب الإحصاءات المعلنة، فقوة العمل النسائية في السعودية لا تتجاوز 11%، وحين أعلنت وزارة العمل عزمها صرف إعانات للباحثين عن عمل تقدم لها مليونا عاطل وعاطلة، نسبة النساء منهم 1.7 مليون، ومع هذا فإن قرار توظيف النساء في محلات بيع المستلزمات النسائية، الذي أقره مجلس الوزراء منذ 6 سنوات، لم يتمكن وزير العمل السابق -وكذلك الحالي- من تطبيقه، بسبب الهجوم والحصار والتضييق على من يقوم بتطبيقه، كما يُمنع عمل النساء في المحاكم كمحاميات ومرشدات أسريات وكاتبات عدل وقاضيات ومشرفات على التحقق من هوية النساء، فبعض القضاة يرفضون النظر والتحقق في بطاقة المرأة المدنية، لأنها تحمل صورة وجه المرأة، كما مُنعت المرأة من العمل في الهلال الأحمر الطبي كمسعفة بحجة منع الاختلاط، من أجل هذا كله بدا غاية في الغرابة أن تلجأ الهيئة إلى إدخال عنصر النساء في طاقمها بدعوى "الحاجة الماسة"، والذي يبدو أن مصلحة الناس تتحقق في وجود نساء في الهيئة أكثر من تحققها في ترك النساء يكسبن رزقهن، فيتعففن عن السؤال، ويحفظن أنفسهن من الزلل، وربما وجدت الهيئة، أن القفز على مبادئها في هذا الأمر له ما يبرره فقررت أن تدشن السنة الميلادية الجديدة بنساء الهيئة. قيل إن هذا القرار جاء خصوصاً من أجل حصار وزير العمل الذي قرر تطبيق قرار السماح بتوظيف النساء في محلات بيع الملابس الداخلية، وكي تتمكن فرق الهيئة النسائية من دخول محلات بيع الملابس الداخلية وحراستها، ومما لاشك فيه أن هذه المهمات ستتوسع بحيث تشمل التفتيش على صالونات التجميل والزينة والتصوير الخاص بالنساء، وسيخضعن لتفتيش يزيد على تفتيش البلديات، وقد تتنازل الجامعات عن مهام العناية بشؤون طالباتها السلوكية لنساء الهيئة.

الرقابة الخانقة، التي تفرض على المجتمع، والفضيلة التي تفرض على الناس بالقوة لا تنتج مجتمعاً فاضلاً بل منافقاً، وتخلق لديه حاجة مستمرة إلى كسر هذه السلطة والفرار من هذه القبضة في كل مناسبة، لهذا فإن أكثر عوائلنا هم الأكثر فراراً، وشبابنا الأكثر ضجيجاً في المحافل السياحية، والأكثر تفلتاً في شوارعنا، فهم لا يعرفون ضوابط تنبع من داخلهم. الرقابة الخانقة تطفئ الشعور بالمسؤولية، وتوقد الشعور المستمر بالخوف، ولا يتطور فيها الضمير الأخلاقي، والحكمة قالت قديماً "كثرة القيود تجعل الناس أقل عفافاً".

وشهدت موازنة الهيئة، التي تبلغ مليارين وستة وأربعين مليونا وخمسة آلاف ريال، زيادة عن العام الماضي بلغت 131 مليوناً وستمئة ألف ريال.