باستثناء وقفة أمام مكتب النائب العام، لعناصر «البلاك بلوك» تحدياً لقرار القبض عليهم، ساد الهدوء المشهد السياسي المصري، بعد لقاء جمع حزب «النور» السلفي، الذي يبحث عن التوافق مع جبهة «الإنقاذ» التي اشترطت عدة شروط قبل قبولها الحوار للتوصل إلى مخرج من الأزمة السياسية، في حين تراجع الرئيس محمد مرسي عن حظر التجول في مدن القناة.

Ad

سادت حالة من الهدوء الحذر الشارع المصري أمس، سيطرت خلالها أجواء جلسات الحوار ومبادرات الخروج من الأزمة، التي تعصف باستقرار مصر السياسي منذ مطلع هذا الأسبوع، في وقت أكد فيه الرئيس محمد مرسي أن مصر ستكون دولة مدنية ستستند إلى حكم القانون وليس الجيش ولا رجال الدين، وأن البرلمان الجديد سيقرر تشكيل الحكومة.

والتقى وفد من حزب «النور» أعضاء جبهة «الإنقاذ الوطني»، بهدف بحث مبادرة طرحها الحزب السلفي، للخروج من المأزق الحالي، بعد قبوله كثيراً من مطالب الجبهة وعلى رأسها تشكيل حكومة إنقاذ، وإقالة النائب العام، وتعديل الدستور محل الخلاف.

وأعلنت القوى السياسية السلفية موافقتها على مبادرة «النور»، من حيث المبدأ، إلا أنهم أشاروا إلى ضرورة معالجة بعض محاورها. وأكد رئيس مجلس شورى «الجماعة الإسلامية» عصام دربالة ترحيبه بالمبادرة، إلا أنه رأى صعوبة تشكيل حكومة ائتلاف وطني حالياً، مفضِّلاً الانتظار لحين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية.

وفي سياق التهدئة، جاءت دعوة رئيس حزب «الدستور» المنسق العام لجبهة «الإنقاذ الوطني» محمد البرادعي إلى عقد اجتماع عاجل بين الرئيس مرسي ووزيري الدفاع والداخلية وممثلي «الإنقاذ» وأحزاب التيار الإسلامي، لبحث سبل وقف العنف الذي تشهده البلاد منذ أيام.

وأكد رئيس حزب «المؤتمر» عمرو موسى أمس ضرورة الجمع بين طرح «مجلس الدفاع الوطني»، الذي يضم قيادات في القوات المسلحة ووزراء سياديين، في إطار النقاط الأساسية التي اقترحتها جبهة الإنقاذ، من خلال تشكيل الحكومة ولجنة من مختلف القوى لبحث تعديل الدستور.

ودخل الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب، على خط الأزمة، بدعوته مختلف رموز القوى السياسية والوطنية ورؤساء الكنائس المصرية، لحضور اجتماع اليوم لمناقشة وقف العنف بكل صوره وأشكاله.

استياء إخواني

في المقابل، سادت حالة من الغضب والاستياء قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» وحزبها السياسي، عقب مواقف حزب «النور» وكوادر بحزب «البناء والتنمية» التابع لـ»الجماعة الإسلامية»، التي جاءت في سياق الهجوم والرفض لمساعي «الإخوان»، السيطرة على مرافق الدولة، وهو ما قاله صراحة المتحدث باسم «النور» نادر بكار.

وبينما أعرب عضو الهيئة العليا لـ»الحرية والعدالة»، أمير بسام عن أن اجتماع قيادات «النور» مع جبهة «الإنقاذ» لن يكون في مصلحتهم وسيخصم من رصيدهم في الشارع، استنكر زميله أسامة سليمان الاتهامات الموجهة إلى «الإخوان» وحزبها بالتسبب في إشعال الأوضاع الداخلية بالبلاد.

 وأضاف لـ»الجريدة»: «في حال اضطرت الجماعة إلى الدفاع عن مقراتها، فإننا جاهزون بشباب يقدرون بمئات الآلاف لاتخاذ وضعية الدفاع عن كيانهم».

وبدا واضحاً استخدام النظام للنائب العام المستشار طلعت عبدالله في تحريك عدد من الملفات ضد رموز المعارضة، بعد أن قرر الأخير أمس منع عضو جبهة الإنقاذ والقيادي الوفدي منير فخري عبدالنور من السفر بصفته وزير السياحة الأسبق، وعدد من شاغلي نفس المنصب على خلفية قضية فساد، رأى فيه مراقبون تلويحاً إخوانياً باستخدام أدوات الدولة الأمنية والقضائية من خلال النائب العام، في معاقبة رموز الجبهة، حال فشلت محاولات الرئاسة في إقناعهم بالحوار الوطني.

وقرر المحامي العام الأول لنيابة الأموال العليا، استدعاء السيد البدوي رئيس حزب «الوفد»، للتحقيق معه خلال الأسبوع المقبل، في وقائع تتعلق بتجاوزات في الإعلانات الخاصة بقناة «الحياة» الفضائية، باعتبارها شركة مساهمة.

النائب العام، واجه أمس وقفة احتجاجية نظمها شباب الكتلة السوداء «البلاك بلوك»، لإعلان رفضهم لقرار النائب العام بملاحقة أعضاء شباب الكتلة التي تم إلقاء القبض على بعضها أمس.

وقررت قوى المعارضة الداعية إلى مليونية «جمعة الخلاص» المقررة غداً ارتداء الملابس السوداء لإعلان التضامن مع شباب «البلاك بلوك»، في مسيراتهم الرئيسية المتجهة إلى قصر «الاتحادية» من أمام المساجد الرئيسية بأحياء مختلفة في العاصمة المصرية.

التراجع مجدداً

وبينما قام الرئيس المصري محمد مرسي بزيارة أمس لألمانيا التقى خلالها بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تعيش مدن إقليم القناة «بورسعيد والسويس والإسماعيلية» موجة فرح بطعم الانتصار، بعد قراره مساء أمس الأول بتفويض محافظي المحافظات الثلاث بتحديد ساعات حظر التجوال أو إلغائها حسب الحالة الأمنية.

القرار الجديد رأى فيه مراقبون تراجعاً للرئيس بعدما وجه أهالي إقليم القناة إهانة بالغة إليه بتحديهم الصارخ لحظر التجوال.

وعبر عضو البرلمان السابق عن بورسعيد القيادي العمالي البدري فرغلي، عن موقف أهالي مدن القناة، قائلا لـ»الجريدة»: «مستمرون في التظاهرات إلى أن يتم القبض على قتلة أبنائنا، ولن نقبل إلا بخروج الرئيس ليلغي حالة الطوارئ بنفسه، ويعتذر عن سقوط أكثر من خمسين شهيداً منهم».