قد يخطئ البعض في التقدير، وقد يتخذ موقفاً خاطئاً تجاه قضية ما، وقد يصاب بقصر النظر، لكن المهم ألا يستمر الإنسان في الطريق الخاطئ، والمراجعة النقدية لأي مسار ضرورة حياتية لسلوك الإنسان.
المعارضة السورية كغيرها من المعارضات في تاريخ الثورات كان لها رؤيتها الداخلية منها والخارجية، وكان بند التدخل الخارجي لإزالة النظام السوري هو أحد أهم سياسات المعارضة الخارجية. وعملت ما بوسعها لتحقيق هذا الهدف فشكلت المجالس والهيئات والتجمعات لقيادة الثورة، وكانت أكثرها برغبة عربية ودولية لتأمين كيان يستطيع قيادة المرحلة، ويكون جهة معتمدة للتفاوض وإيجاد الحلول.ومضت الأيام، وأطياف "المجلس الوطني" وبعده "الائتلاف الوطني" يعملون بجد لجر المجتمع الدولي إلى مناصرة قضيتهم الحقة، لكن بعد وعود "بالأطنان"، حسب قول عضو الائتلاف الوطني أحمد رمضان، لم يتحرك المجتمع الدولي بأي خطوة جدية تجاه وقف القتل والتدمير في الوطن السوري، وجاءت أكثر التحركات الدولية الأخيرة مخيبة للآمال... إذ بات الحل المطلوب تفاوضياً مع قبول "الأسد" على رأس المرحلة انسجاماً مع الرغبة الروسية والإيرانية.لن نجلد الذات ونقسو على البعض بالنقد والتجريح والتخوين، بل نظن بالكل خيراً داخلاً وخارجاً. والثورة بعد الخذلان الدولي لم تعد تحتمل الانقسام والتشتت، خصوصاً أن النظام السوري قارئ جيد للأحداث وتحولات السياسة الدولية، فها هو يلتقط إشارات الغرب بحتمية الحل التفاوضي، ويقوم بتجهيز جيش رديف من الموالين له مع زيادة الشدة في الدمار والقتل وبدعم إيراني وروسي وبكل السبل العسكرية والمادية، حتى إن البوارج الروسية التي جاءت بهدف المناورة بالبحر المتوسط لا تخلو من نقل العتاد والأسلحة الحديثة للنظام السوري لدعم صموده وتمتين موقعه التفاوضي في الحل المقبل... لذلك بات تآلف قوى المعارضة العسكرية منها والسياسية وتوحيد صفوفها هما الرد الطبيعي على تخاذل الغرب وفجور الشرق تجاه الثورة السورية.خطاب أوباما الأخير باحتفالية تنصيبه رئيساً مجدداً لأميركا لم يخلُ من إشارات فاقدة للمصداقية ومنسجمة مع الأخلاقية السياسة الغربية عندما أكد أن بلاده "ستساند الشعوب المتطلعة للحرية بالعالم"... لكنه لم يذكر أي حرية يريد مساندتها، "حرية الإبادة" التي يقودها "النظام الأسدي" ضد شعبه، أم "حرية خداع الشعوب" بالوعود الفارغة، أم "حرية وأد آمال الشعوب" المتطلعة للعيش الكريم لحسابات مادية متوحشة.وجاءت الأمم المتحدة بدورها الإغاثي لتصب الزيت على نار الأمم المنكوبة عندما أهدت نظام القتل والإجرام الأسدي مبلغاً إغاثياً يقدر بنصف مليار دولار باسم إغاثة الشعب السوري.. ولا ندري إن كان هذا المبلغ "رشوة سياسية" له لتسهيل دور الأمم المتحدة الإغاثي في سورية، أم هي مستحقات متراكمة لجهوده الجبارة في خدمة أمن إسرئيل والمصالح الأميركية بالمنطقة، أم هي دعم لصموده في وجه التطرف الإسلامي المزعوم في الثورة السورية، أم هو سلوك غير أخلاقي لمؤسسة أممية يفترض فيها مناصرة الشعوب المقهورة؟!إيران لم تعد دولة صديقة للشعب السوري لأنها مشتركة فعلياً بالعمل العدواني ضده من خلال الدعم اللامحدود لهذا النظام القاتل وذلك لحسابات (بعيدة عن المقاومة والممانعة)، ومن هنا أمست دعوتها لحضور مؤتمر إغاثة الشعب السوري المقرر عقده في الكويت غير ذي فائدة لأنها باتت جزءاً من الجريمة لا شريكاً في الحل والإغاثة!
مقالات
اللاجدوى الدولية تجاه الثورة السورية
26-01-2013