666 فلساً

نشر في 03-07-2013
آخر تحديث 03-07-2013 | 00:01
 علي محمود خاجه لو قيل لي أن أعيش بمبلغ 666 فلساً يوميا؛ فسوف أقسّمها بالشكل التالي: 300 فلس، هي عبارة عن وجبات الإفطار والغداء والعشاء، بمعدل 100 فلس لكل وجبة، 200 فلس أجمعها يومياً ولمدة شهر كامل كي أتمكن من جمع 6 دنانير أضمن بها إمكانية شراء الحاجات الأساسية الشهرية كالمنظفات ولباس يقيني البرد للشتاء وغيرها من مستلزمات، فيتبقى لي 166 فلسا، 100 فلس أوفرها لنفسي لأي طارئ صحي أحتاج إليه كعمل أشعة أو شراء الدواء و66 فلساً أجمعها لأهلي، فتصبح مع نهاية الشهر ديناراً و980 فلساً، أذهب إلى أي شركة لتحويل الأموال فتطلب مني دينارين عمولة تحويل، وهذا يعني أنني سأجمع أموال الشهر الأول لضمان التحويل، وأقوم الشهر التالي بتحويل دينار و980 فلساً، بمعنى أن أهلي سيعيشون على دينار و980 فلساً لمدة شهرين بمعدل 33 فلساً يوميا، هذا بالطبع في حال أنني أسكن بالمجان. هذا المبلغ، الذي لا يستطيع أي مخلوق العيش به، هو المبلغ الذي يتقاضاه الآلاف من العمالة في الكويت، فهم يتقاضون 20 ديناراً فقط شهرياً... والله العالم كم يخصم منها، بسبب بعض الجشعين الذين لم يجدوا ما يغنيهم سوى سرقة قوت البشر ممن جعلتهم الفاقة والبحث عن لقمة العيش يقعون بين فكّي بعض مصّاصي الدماء، أملاً في أن يجدوا بدولة كالكويت مسلمة ومسالمة العيش الطيب الهانئ، لكن هيهات أن يتحقق لهم ما يريدون وبيننا من يعيشون على الظلم، وتفتح لهم أبواب الجشع كلها، كي يهنؤوا بما يسرقونه من الفقراء الضعفاء.

المشكلة أننا نريد من هؤلاء المساكين غير المتعلمين أن يتصرفوا بحضارية في مجتمعنا، وأن يساهموا في ارتقائه ونحن نحرمهم أبسط حقوق العيش وأدنى متطلبات الحياة، فليتفكر كل منا ماذا سنفعل لو كان نظام حياتنا على طريقتهم، ومع ذلك نعامل بازدراء واحتقار من الكثيرين في الأماكن الحكومية كالمستشفيات أو المخافر أو غيرها من مؤسسات الدولة. «من أنت؟ وماذا تكون؟ ومن أين أتيت؟ هذا لا يعني شيئا في الكويت، أنت في الكويت وهذا يفي بالغرض، مستشفيات، ومستوصفات، وعيادات أطباء باطنية، وجراحون واختصاصيو نظر، ومدارس مزودة بمطابخ، وجامعات... كل ذلك تحت تصرفك التام وبلا شروط أو مقابل، وحين تتماثل للشفاء بعد أشهر من الإقامة في المستشفى تتلقى بدلا من الفاتورة أصدق التهاني».

«الله وهبنا هذا الثراء الطائل... وأنت أيها الغريب لك أن تشاركنا ذلك، فأنت ضيفنا... بذلك يضرب الكويتيون مثلاً للعالم ولا يفرضون شروطا لقاء ذلك".

الاقتباس السابق هو ما كتبه جون هنري ميلر في منتصف القرن الماضي عن الكويت، ولكننا للأسف أفضل وأسرع دولة في التخلف والرجوع ولا أعتقد أن يضاهينا بالعالم أحد.

ضمن نطاق التغطية:

ما سبق هو مقال كتبته ونشر قبل خمس سنوات تقريبا بتصرف محدود وللأسف، فإني أجد نفس المعاناة مستمرة، وما زال الإنسان في الكويت لا قيمة له، مبارك عليكم الشهر.

back to top