ما حقيقة ما نشر عن عرض آثار مصرية مسروقة في مزاد في القدس ونجاح الخارجية المصرية في وقف البيع؟

Ad

كلام عبثي وغير حقيقي. أؤكد على استحالة أن تعرض دولة آثاراً مسروقة من دولة أخرى فضلاً عن عجز الخارجية المصرية عن وقف عملية البيع ما لم تقدم مستندات ملكيتها لهذه الآثار إلى إسرائيل. كان حرياً بالخارجية أن تعلن بشفافية تامة أنها أوقفت البيع بسبب ما قدمته من مستندات، ما يدعوني إلى التشكك في صحة الخبر. من ثم فإن هذه القطع قد وصلت إسرائيل عن طريق عصابات التنقيب عن الآثار ومافيا التهريب، والحقيقة المؤلمة أن آثارنا لا تباع في القدس أو قطر وغيرهما، بل تباع داخل مصر، وبدلا من البحث عنها في الخارج علينا أن نحافظ عليها وأن نبحث في أسباب ضياع تراثنا وتسريبه من بين أيدينا ليباع في الخارج}.

لماذا لم تطالب الخارجية باسترداد هذه القطع؟

لأن هذه القطع  من المؤكد وصلت إلى إسرائيل عن طريق عصابات التنقيب عن الآثار ومافيا التهريب، أو ربما من مخازن الآثار التي لم تسجل بعد أو من حفائر خاصة بعيداً عن أعين الحكومة. وحسب القانون، فإن أي أثر غير مسجل في قوائم وزارة الآثار واليونسكو، لا تستطيع الدولة المطالبة به، وبالطبع فإن أوروبا التي أقامت متاحفها على حساب آثارنا وربحت منها المليارات هي التي وضعت لنا هذه القوانين التي تحول بيننا وبين استعادة تراثنا المستلب.

في ظل ما تشهده البلاد من انفلات أمني، هل لدى وزارة الآثار خطة تأمينية لحماية الآثار؟

 حماية الآثار ليست مسؤولية الوزارة وحدها بل مسؤولية الحكومة، وثمة حقيقة  دامغة مؤلمة تؤكد أنه في المرحلة الانتقالية وما اتسمت به من انفلات أمني قد فقدت مصر من الآثار ما يفوق ما فقدته في الستين عاما الأخيرة، ومن  المخزي أن هذا لم يكن نتيجة غزو خارجي كما حدث في العراق، بل تعرضت مصر لغزو داخلي فاستحل أهلها تراثها القومي من  الأسبلة الأثرية وبنوا على المواقع الأثرية المساكن دون ترخيص. المشهد الأثري لدينا بائس ومخز وعلى الحكومة أن تدرك أن حماية التراث الأثري ليست مسؤولية وزير فقط بل مسؤولية الحكومة، وأن تسعى إلى ترميم البشر قبل ترميم الحجر.

قرار إنشاء وزارة للآثار، ألا يمثل اهتماماً حكومياً بالآثار؟

أطالب منذ أكثر من 20 عاماً بوزارة تنضوي تحت مظلتها الهيئات والمؤسسات المسؤولة عن الآثار، ولكن ما تحقَّق مجرد وزارة دولة فما زالت المساجد تسرق والمنابر الإسلامية الأثرية نادرة، فالآثار الإسلامية مستباحة في ظل اتهامات متبادلة بين وزارتي الأوقاف والآثار وما زال المجلس الأعلى للآثار تابعاً للمحليات. الآثار الإسلامية مستباحة دون غيرها من آثار قبطية وفرعونية.

لماذا تستباح الآثار الإسلامية فقط؟

هذه حقيقة وليس ادعاء. كل ما يخص التراث الإسلامي مستباح ودليلي على ذلك ما حدث لتمثال بوذا حين هبَّ العالم لإنقاذه، فهل انتفض أحد ضد ما يحدث للمسجد الأقصى في فلسطين مطالباً بوقف الاعتداءات الإسرائيلية عليه وعلى مقدساتنا الإسلامية حسب المعاهدات والمواثيق الدولية. للعلم، حتى الآن لم يتم وضع الأقصى على قائمة التراث المعرَّض للخطر حتى يسقط المسجد وحده في ظل صمت عربي مهين وغربي مريب .

إلى أي مدى نجحنا في ملف استرداد الآثار المسروقة من الخارج؟

أدار زاهي حواس هذا الملف باقتدار، وأذكر واقعة كنت في مكتبه شاهداً عليها حين أصدر قراراً وطنياً بإلغاء البعثات الفرنسية العاملة في مجال الآثار رداً على رفض الحكومة الفرنسية إعادة لوحتين مسروقتين من أحد المعابد.

كيف تقيم أداء وزارة الآثار الآن؟

 

غير راض عن أداء الوزارة الضعيف. كان على الوزير أن يضع الحكومة أمام مسؤولياتها بأن تضخ أموالاً لحماية الآثار وترميمها، لا سيما الإسلامية منها التي أشرفت على الانهيار كي نستطيع أن نستعيد السياحة لتجد آثارنا بحالة جيدة، وكان ينبغي أن يستعين الوزير بالقوات المسلحة لحماية الآثار من التعديات المستمرة عليها، وعلى الحكومة أن تدرك أن الاستثمار في الآثار أقصر الطرق لعودة السياحة من المنظور الاقتصادي .

هل ثمة رؤية اقتصادية لدى وزارة الآثار لتعظيم مساهمتها في الدخل القومي؟

هذه ليست مسؤولية الوزير بل مسؤولية الحكومة، والدولة الرشيدة يجب أن تملك الرؤية والوزير ينفذ سياسات الحكومة. هذه الرؤية تحددها المجالس العلمية الاستشارية التي تتشكل من كفاءات وذوي خبرة بعيداً عن أي مجاملات على حساب المستوى العلمي. كي تستطيع الوزارة أن تمول نشاطها ذاتياً، بل وتمول موازنة الدولة العامة، كنا نطالب بحق الملكية الفكرية المعترف به عالمياً لنحصل على حقنا من تراثنا المسروق والمعروض في الخارج، في برلين وبوسطن ونيويورك، والذي يدر الملايين لدول العالم. مسؤولية وزارة الخارجية أن تعمل في هذا الاتجاه ثم يأتي دور الإعلام في التوعية بأهمية التراث وتشجيع الناس على حماية مقدراتنا التراثية. لا بد من استراتيجية للدولة تتكامل فيها الوزارات والأجهزة كافة لتحقيق الهدف، ولكن لا الدولة لديها هذه الرؤية ولا العاملون في الآثار فاعلون والإعلام متجاهل لما حاق بالآثار من تدمير وتخريب متعمد ومن ثم فإن الجهود المبذولة  فردية وعلى استحياء، بالتالي تراث مصر في خطر داهم.

ماذا عن مؤتمر الآثاريين العرب المقبل؟

اتحاد الآثاريين العرب أول تجمع عربي للآثاريين ومقره القاهرة وسيعقد مؤتمره السادس عشر في مدينة شرم الشيخ من 15 إلى 18 نوفمبر 2013 بمشاركة الدول العربية كافة، ومحور المؤتمر التهديدات التي تعرضت لها الآثار في كل من مصر وسورية وفلسطين.