بات الانقسام العنوان الكبير لأول عام من حكم جماعة «الإخوان المسلمين» لمصر فقد زادت مخاوف الكثيرين من الدخول في حرب أهلية، وسط قلق من خروج أطراف البلاد خصوصاً في سيناء والنوبة عن سيطرة النظام.

Ad

حاول تقرير أصدرته مؤسسة الرئاسة المصرية، بمناسبة مرور عام على تولي الدكتور محمد مرسي، منصب الرئيس أن يذكر المصريين بعدد من النجاحات الاقتصادية، مستنداً إلى أرقام «معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي»، خلال الشهور الماضية، والذي قال التقرير إنه ارتفع من 4.2 إلى 8.1 في المئة.

وأكد  التقرير، الذي صدر تحت عنوان «العام الأول - خطوات وتحديات ـ العلاقات الخارجية»، أن أهداف وثوابت السياسة الخارجية، هي الحفاظ على الأمن القومي المصري وإقامة علاقات متوازنة، واستعادة دور مصر إقليمياً ودولياً وزيادة الاستثمارات الأجنبية لدعم الاقتصاد المصري.

والحق أن المعارضة، التي نزلت الشارع، ودعت إلى نزوله اليوم (أمس) 30 يونيو، تقول إن هذه الأسباب، الواردة في التقرير الرئاسي هي التي قادتها إلى الغضب، والدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، الأمر الذي يكشف حجم الهوة الساحقة التي تفصل فرقاء السياسة في مصر، بعد عام واحد فقط من حكم جماعة «الإخوان المسلمين».

وعلى الرغم من أن أكثر المتشائمين، لم يكن يتصوَّر أن يكون الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب، يحكم أكبر دولة عربية، سيخرج من أول معاركه السياسية، في الشهور الستة الأولى، مهزوماً في عقر داره، فقد خالف الرئيس جميع التوقعات، وأصدر الإعلان الدستوري، 22 نوفمبر 2012، الذي يحصن فيه قراراته ويدمر سلطة المحكمة الدستورية، بإقالة النائب العام السابق، عبدالمجيد محمود، كما وافق الرئيس، على تمرير دستور، تقول المعارضة إنه غير توافقي، ساعتها خرج أكثر من نصف فريقه الرئاسي مُستقيلين.

 فقد خرج الكاتب الصحافي أيمن الصياد والمفكر القبطي الدكتور رفيق حبيب والإعلامي عمرو الليثي والكاتبة سكينة فؤاد والشاعر فاروق جويدة والمفكر محمد عصمت سيف الدولة وأستاذ العلوم السياسية سيف عبدالفتاح، بينما خرج وزراء من مناصب وزارية، قبيل التعديل الوزاري الأخير، بينهم وزير العدل السابق أحمد مكي.

وبدأ الانقسام عنواناً للنصف الأول من عام «الإخوان»، فقد دخلت رموز في «الجماعة الإسلامية» وحزب «النور» السلفي وبعض المنتمين فكراً إلى التشدد الإسلامي، في «الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور»، وهي الجمعية التي استمر عملها خلال النصف الأول من حكم الجماعة، لكن في النصف الثاني انقلب جزء من التيار الإسلامي ضد حكم الرئيس مرسي، وأعلن «النور» موقفه الصريح برفع يده عن نظام «الإخوان»،

فقد استقال القيادي في الحزب، الدكتور بسام الزرقا، من الهيئة الاستشارية لمرسى، تضامناً مع الدكتور خالد علم الدين، الذي أقيل من منصبه كمستشار للرئيس، بزعم وجود تقارير رقابية تمس ذمته المالية.

83 شهيداً

ووفقاً لتقارير حقوقية، فقد شهد عهد الرئيس مرسي سقوط عدد كبير من الشهداء، نحو 83 شهيدا، خلال اشتباكات ذات طابع سياسي، بدأت في أحداث ذكرى «محمد محمود» الأولى، حيث سقط نحو 3 شهداء، برصاص الشرطة، كان في مقدمتهم الشهيد جابر صلاح جابر الشهير بـ»جيكا» وهو أول شهيد يسقط في عهد مرسي.

وتوالى الدم بـ»11 شهيداً» قرب قصر «الاتحادية»، في ديسمبر، من دون أن يعلم أحد حتى الآن من قتل هؤلاء، ثم تأتي أحداث مجزرة بورسعيد الثانية ليسقط نحو 38 شهيداً، بينهم شخص مجهول الهوية، وضابط شرطة ومجند أمن مركزي.

وتأكيداً على استمرار الانقسام والاستقطاب، سقط شهداء جدد في أحداث وأماكن متفرقة، بينها التحرير والاتحادية،  بلغ عددهم 8 شهداء بينهم الشهيدان محمد الجندي ومحمد كريستي، كما سقط نحو 11 شهيداً في السويس والإسماعيلية، 10 بالسويس وواحد فقط في الإسماعيلية، وكذلك سقوط نحو 3 في أحداث اشتباكات بعض المحافظات، بالإضافة إلى سقوط 9 شهداء في أحداث «الخصوص» والكاتدرائية المرقسية في أول أبريل الماضي.

ووسط الانقسام السياسي، لم تحصل المرأة المصرية تحت حكم «الإخوان المسلمين» على كامل حقوقها، على الرغم من نضالها لانتزاع حقوقها، والحفاظ على مكتسباتها، رافعةً شعار: «صوت المرأة ثورة».

سيناء والنوبة

وبينما أكدت تقارير دولية وجود منظمات إرهابية عدة، في سيناء، الحدودية مع إسرائيل، منذ بداية عهد الرئيس مرسي، صرح الناشط السيناوي مسعد  أبوالفجر لـ»الجريدة» أن سيناء بعد سنة من حكم «الإخوان» أصبحت خارج السيطرة المصرية، رغم خطورة موقعها وقربها من إسرائيل، لافتاً إلى ضرورة تطهيرها من «البؤر الإجرامية»، على حد تعبيره وأضاف: «الجماعات الجهادية، بدأت تستعرض قوتها في المنطقة، خلال تلك السنة، والحل هو إسقاط النظام الحالي، لإنهاء العنف والإرهاب بسيناء، وإلا ستضيع سيناء، وتتفاقم الأوضاع المأساوية على يد الإرهابيين».

وبعد شهور من تولي الرئيس «مرسي»، عبرت مدن القناة الثلاث عن رفضها الصريح للحكم، في حين ظهرت دعوات انفصالية جنوب مصر، بإعلان مجموعة من النشطاء النوبيين تكوين أول حركة «انفصالية مسلحة» للدفاع عن الهوية النوبية وأطلقت على نفسها اسم «كتالة» وتعتبر هذه الحركة هي الأولى من نوعها التي تهدف لانفصال النوبة وجزء من محافظة أسوان، على خلفية معارضتهم حكم الجماعة.

عضو الاتحاد النوبي العام أحمد إسحاق أكد أن «مرسي معملش حاجة للنوبيين» معتبراً أن هذا هو السبب في ظهور دعوات الانفصال، وأضاف» «النوبيون ـ كالمصريين جميعاً ـ في حالة غليان، قد ينفجر في أي لحظة، وساعتها لا يلوم إلا نفسه، عندما تتحول النوبة إلى سيناء الجنوب، وتظهر فيها جماعات مسلحة».

الإنقاذ والتمرد

وبسبب هذا الانقسام الحاد، دعت المعارضة المدنية التي وحدت صفوفها خلال أزمتي كتابة الدستور والإعلان الدستوري، إلى إنشاء جبهة «الإنقاذ الوطني»، بزعامة حمدين صباحي، زعيم التيار الشعبي، ورئيس حزب «الدستور» محمد البرادعي  وعمرو موسى رئيس حزب «المؤتمر»، ككيان جامع لكل القوى المدنية والأحزاب والحركات الثورية والشخصيات العامة والنقابات المستقلة، وكونت قيادة جماعية لها، من التيارات الليبرالية واليسارية والوسطية.

الأحداث المهمة منذ تولى مرسي الحكم

في ما يلي أهم الأحداث في مصر منذ تولي الإسلامي محمد مرسي الرئاسة في يونيو الماضي:

في عام 2012:

• 30 يونيو: مرسي يؤدي اليمين كأول رئيس مدني

• 5 أغسطس: مقتل 16 جندياً من حرس الحدود

• 12 أغسطس: مرسي يحيل قائد الجيش إلى التقاعد

• 22 نوفمبر: مرسي يصدر إعلاناً يمنحه سلطات واسعة

• 30 نوفمبر: الجمعية التأسيسية تقر الدستور

• 15 إلى 22 ديسمبر: 64% يوافقون على الدستور

في عام 2013:

• 24 يناير: موجة جديدة من العنف ومقتل 60 معظمهم في مدينة بورسعيد

• 7 مايو: مرسي يجري تعديلاً وزارياً

• 16 مايو: مسلحون يخطفون 7 جنود في سيناء

• 2 يونيو: المحكمة الدستورية تحل مجلس الشورى

• 15 يونيو: مرسي يقطع العلاقات مع سورية