تتضمن أعمال خالد جرّار المستوحاة من الأحداث والتجارب اليومية الفلسطينية: مشهد أدائي، فيديو، تصوير فوتوغرافي ومنحوتات لتوثيق ملاحظاته حول الحياة في فلسطين المحتلة. فالقيود المفروضة عليه وعلى أبناء وطنه قد أصبحت محفزاً وموضوعاً لنتاجه الفني الساخر أحياناً، إذ يقدِّم أعمالاً تحمل رسائل سياسية ممزوجة بالثقافة والحداثة.

Ad

أحد أبرز الأعمال في معرض جرار في {أيام} دبي عمل تركيبي يظهر فيه الفنان وهو يبني جداراً إسمنتياً عالياً يمتد على طول المعرض، مواجهاً المشاهد فور دخوله إلى صالة العرض. للمرور عبر الجدار، يتحتم على الزائرين أن يمشوا بحذر من خلال فجوة على شكل فلسطين، وهي رمزية للعملية التي يعانيها الأشخاص الذين يعبرون جدار الفصل العنصري من نوعه، في الضفة الغربية في سبيل الوصول إلى بيوتهم في فلسطين. والحال أن جدار الفصل العنصري أصبح علامة بارزة لكثير من الأعمال الفنية والغرافيتية وصار محط أنظار الفنانين في العالم سواء من خلال الأفلام الوثائقية أو الصور أو التشكيل، وحتى الفيديو.

إلى جانب هذا العمل التركيبي، يعرض جرار مجموعة من أعمال الفيديو ومنحوتات إسمنتية جديدة قائمة على معدات رياضية: كرات قدم، كرات طائرة، كرات سلة، ومضارب بينغ بونغ. وقد تشكلت الأعمال من مواد كان الفنان قد حفرها بأزميل بشكل سري في جدار الفصل، وفيها إشارة إلى كرات القدم التي تُّركت عند الجدران من الأطفال الذين يستخدمون المنطقة كمكان لألعابهم. وبتطويع هذه المادة الموجودة لأغراض أخرى، يسعى جرار إلى تحريض الحوار حول الحيازة والاسترداد.

ختم دخول

تتضمن مشاريع جرار الأخيرة {عش واعمل في فلسطين} (من 2011 حتى الآن)، وهو مشروع عبارة عن ختم دخول أنشأه جرار لأجل {دولة فلسطين}، والذي ختمه حينها على جوازات سفر السائحين الداخلين إلى رام الله. وقد صمم المشروع كل من يشجع تعاوناً مع جمهوره، حيث مكنهم من أن يسجلوا بشكل رسمي زيارتهم إلى مكان عديم الجنسية، وهي بادرة رمزية للتحقيق في الهوية بين دولة منشودة وأخرى واقعية. وقد قام جرار منذ ذلك الحين بتنفيذ فعله هذا في بلدان أخرى، ومن ضمنها {في مركز بومبيدو} في باريس ومعهد نوبل النرويجي في أوسلو، بالإضافة إلى بينالي برلين لعام 2012 حيث ركز على {نقطة تفتيش شارلي} كمصدر رئيس للإلهام لهذا المشروع المتجول.

بدأ مشروعه في غاليري {المحطة} في مدينة رام الله، وتحول نقطة جذب لكثيرين، فبعدما كان مشروعاً رمزياً انحصر في البداية في تعبئة طلب رمزي للإقامة في فلسطين، مختوماً بختم دولة فلسطين الفنّي والمشتهى، في إشارة إلى السيادة المنقوصة والحلم بدولة فلسطينية متكاملة العناصر، أضاف جرار حياة على مشروعه، فقرر أن يحول الختم إلى واقع عبر طبعه على جوازات سفر رسمية متعددة الجنسيات. وبدأ الأمر، وفق جرار، مع أجانب مقيمين في فلسطين، يدخلونها بختم إسرائيلي، إذ لا سيطرة فلسطينية على المعابر. ويقول: {المشروع عبارة عن تدخّل فني ذي رسالة سياسية تتعلق بالحق الفلسطيني، وبالحلم بدولة مستقلة لها رموزها السيادية... ردود الفعل في مجملها إيجابية، ومَن رفض الختم كان يخشى ردود فعل سلطات الاحتلال الإسرائيلية}.

وكون جرار قد عمل سابقاً كنقيب في الحرس الرئاسي الفلسطيني، فإنه على دراية بالبيروقراطية والسياسة والانضباط العسكري والعلاقات الدولية. زوَّدت هذه المهنة السابقة ممارسته الفنية بالمعرفة، حيث ركز الكثير من أعماله على فعل التحرر من الوسائط التأديبية للوجود وتخريب قوانين قواعد السلوك الحالية. وبينما يتناول صراحة موضوع ملكية الأراضي وإزاحة الفلسطينيين منها، إلا أن جرار يخطو فيه بحذر ولكن بثقة ويعرض في الحسبان بديلاً قوياً للحياة في {فلسطين المحتلة}.

خالد جرار مواليد جنين عام 1976، متخصص بالفن التصويري والأداء. بدأ إنتاج الأفلام والفيديوهات منذ عام 2008 ومن بينها الفيديو الذي اكتسب نجاحاً {الرحلة الـ101}.

أكمل دراساته في التصميم الداخلي في جامعة فلسطين للفنون التطبيقية في عام 1996، ومن بعدها دخل مجال التصوير الفوتوغرافي في عام 2004. وكان أول معرض له في مكان عام في نقاط تفتيش قلنديا ورام الله. وفي عام 2011 حصل على شهادة بالفنون البصرية من الأكاديمية الدولية للفنون في فلسطين.

يستمر المعرض إلى 3 أغسطس.