لا يقتصر دور منظمات المجتمع المدني في الدول المتقدمة على الدفاع عن حقوق أعضائها بل يمتد، بحكم طبيعتها المستقلة عن الحكومة، ليشمل أيضا الاهتمام بالقضايا العامة ونشر الوعي في المجتمع.

Ad

 وقد كان للاتحاد العام لعمال الكويت وبعض منظمات المجتمع المدني مثل جمعيات أساتذة الجامعة والتطبيقي والمعلمين والمحامين والصحافيين أو الاتحادات الطلابية في النصف الثاني من القرن المنقضي دور إيجابيٌ في دعم التطور الديمقراطي من خلال التمسك بالمكتسبات الدستورية، لا سيما عندما تجاوزت السلطة الدستور عامي (1976 و1986)، حيث كانت تعلن صراحة مواقفها الوطنية الجريئة، وتطالب من دون مواربة بعدم المساس بالحقوق والمكتسبات الدستورية للشعب الكويتي.

ومن أسف أن هذا الدور الإيجابي لمنظمات المجتمع المدني قد تراجع في السنوات القليلة الماضية؛ نتيجة للوضع السياسي والاجتماعي السيئ الذي انعكس على كل جوانب الحياة العامة، حيث انتقلت عدوى الأمراض السياسية والاجتماعية الموجودة في المجتمع إلى الاتحادات النقابية والطلابية وجمعيات النفع العام والجمعيات المهنية، فأصبحت الانتخابات الفرعية القبلية والطائفية والتكتلات الفئوية من ناحية والتدخلات الرسمية من ناحية أخرى هي التي تحدد تركيبة بعض مجالس الإدارات حتى في الاتحادات والروابط الطلابية داخل الكويت وخارجها، فأضحت مساهمة أغلبها في الشأن العام، في السنوات الأخيرة، لا تتعدى إصدار بيان صحافي يوزع على وسائل الإعلام.

لهذا فقدت أغلب منظمات المجتمع المدني لدينا دورها الرئيسي واستقلاليتها عن القرار الحكومي لتصبح منظمات شكلية تتباهى بها الحكومة أمام المنظمات الإقليمية والدولية، وتحول بعضها داخليا إلى "مجالس خاصة" يتبادل فيها كل مساء عدد قليل من الأصدقاء الأحاديث الودية ويمارسون هواياتهم الرياضية الخاصة، حيث لم تعد مجالس إداراتها تكترث، على ما يبدو، بمشاكل أعضائها وهمومهم أو القضايا العامة التي تهم المجتمع.

وبمناسبة الحديث عن الدور المفقود لمنظمات المجتمع المدني في الدفاع عن حقوق أعضائها والاهتمام بالقضايا الوطنية، فإنه من الملاحظ، بحكم العضوية، أن جمعية أعضاء هيئة التدريس بالجامعة قد بهت دورها في الآونة الأخيرة، فلم يُرَ لها تحرك ملموس وفاعل تجاه المشاكل الكثيرة التي يواجهها الأساتذة بشكل خاص والتعليم الجامعي بشكل عام، ولم يسمع لها صوت أو يسجل لها موقف من تدهور الأوضاع العامة وتراجع مؤشرات كفاءة الأداء العام في الدولة، كما توضح ذلك التقارير والدراسات المحلية والعالمية، فعسى أن يكون المانع خيراً؟!