كانت علاقة نابليون بالنساء موضع اهتمام بارز لدى كثير من الباحثين فأصدروا عنها كتباً عدة، من بينها «المرأة في حياة نابليون» للمؤلف كريستوفر هيبرت، وفيه يميط اللثام عن الأسرار الشخصية لبونابرت وحضور المرأة في تفاصيل حياته الممتدة بين الطفولة وغزواته العسكرية وفتوحاته من روسيا إلى مصر.  

Ad

صدر الكتاب عن مشروع {كلمة} للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، ونقله إلى العربية عمر الأيوبي. ويقدّم فيه كريستوفر هيبرت صورة مغايرة عن بونابرت من خلال تبيان علاقاته بشخصيات نسائية أحاطت به وأثّرت في حياته: زوجتاه، عشيقاته، وأمه وشقيقاته، وهو القائل {الأم التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها}.

تتداخل في هذه السيرة العداوات والعلاقات الغرامية، وعلاقة بونابرت مع أفراد عائلته. وتبقى العلاقة الأكثر تعقيداً وإثارة عشق بونابرت الذي قيل الكثير في شأنه، فعلى رغم انهماك الإمبراطور في كسب المعارك والحروب الكبرى، كان يجد وقتاً للاهتمام بأدق تفاصيل حياته اليومية، من الأزياء والديكور وشراء الهدايا الثمينة لحبيبته جوزفين، من دون أن ننسى بالطبع الرسائل التي كان يكتبها بغزارة.

ثروة القلوب

كان بونابرت يرغب في الزواج من امرأة ثرية تسهّل عليه الارتقاء في مهنته، وحاول التودّد إلى أكثر من امرأة ثرية تكبره سناً إلا أنه لم ينجح، وخاب ظنّه كثيراً عندما اكتشف أن جوزفين ليست ثرية كما اعتقد. لكن كان لديها أكثر من الثروة، وقد عبّر عن ذلك لاحقاً بقوله: {أنا أكسب المعارك وجوزفين تكسب القلوب}.

تزوجا عام 1798 عقب لقاء في منزل باريسي، عشق بونابرت وريثة النبلاء الجميلة والمثقفة، وانطلق في فتوحاته في قارات العالم، وانطلقت معها أقاويل خيانة زوجته له، ووصلت أسماعه فازداد ألمه واهتز عرشه، هو القائد الكبير الذي يسيطر على العالم ويقهر جيوشه يفشل في السيطرة على قلب امرأة يحبها.

بونابرت الذي ارتبط بكثيرات لكنه كان يعيش أزمة جوزفين، اهتزت سمعته وسمعة العرش، طلقها بعد سنوات عدة من الألم بحجة عدم الإنجاب، ثم تزوج النمساوية ماري لويز، التي أنجبت له ابنا ثم ماتت أثناء نفيه. ومن المفارقات أن نجم الإمبراطور سطع واتخذ منحنى تصاعدياً بعد زواجه من جوزفين، وأفل واتخذ منحنى تنازلياً بعد تطليقها وزواجه من ماري لويز.

عرف نابليون كيف يستميل النساء من حوله، لا سيما جوزفين وماري لويز، ناهيك بالنساء الأخريات، نذكر منهن ماري فاليسكا الكونتيسة البولندية، وديزيره كلارية ملكة السويد لاحقاً، التي ارتبطت رسمياً بشقيقه قبل أن تغرم بهذا الأخير. كذلك بولين فوريس، التي وصفت بكليوباترا نظراً إلى وجودها مع نابليون طيلة مدة مكوثه في مصر. فضلاً عن الممثلة جورجينا الملقبة {بمادموازيل جورج} التي أغرم بها فترة قصيرة أهداها خلالها {بروشاً} على شكل سهم من الألماس الملون باللون الوردي المرصع بالأحجار الكريمة التي شكلت اسمها.

 

مصر حكاية أخرى

وجود نابليون بونابرت في مصر حكاية أخرى، بمنأى عن كتاب كريستوفر هيبرت. قيل إنه بعدما استقر الأمر به في مصر، قدم له حراسه ست فتيات مصريات، وجدهن بدينات، فقد كانت زوجته جوزفين نحيلة، لذلك اختار أقل الفتيات وزنا وأطولهن، وكانت زينب بنت الشيخ البكري.

يروي حمدي البطران في كتابه {مصر بين الرحالة والمؤرخين} أن زينب البكري كانت توصف بأنها النسخة المصرية من زوجة بونابرت. لكنها لم تكن في مثل أنوثة وثقافة جوزفين التي خلبت لب نابليون بقدرتها على جذب انتباهه، لذا فقد أصابه سأم منها بسرعة، لأنها لم تكن تتكلم لغته.

لم يذكر المؤرخ المصري الشهير عبد الرحمن الجبرتي الذي واكب الحملة الفرنسية على مصر أن زينب كانت عشيقة بونابرت، ولكن الإشاعات ربطت بينها وبينه لصلة والدها الشيخ البكري به، وكان ذنبها أنها تبرجت حسب أقوال الجبرتي ولبست الفساتين والمناديل الملونة والطرح الكشمير، وخالطت المجتمع الفرنسي.

بعد جلاء الحملة الفرنسية، بدأت معاقبة النسوة ومنهن ابنة الشيخ البكري ويروي الجبرتي أنه {في يوم الثلاثاء رابع عشرينه طلبت ابنة الشيخ البكري، حيث حضر معنيون من طرف الوزير إلى بيت أمها وأحضروها ووالدها، فسألوها عما كانت تفعله، فقالت إني تبت من ذلك، فقالوا لوالدها ما تقول أنت؟ فقال: أقول إني بريء منها، فكسروا رقبتها}.