هل ننتظر ستين عاماً لنعرف؟
![عبداللطيف المناوي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1459078147207955600/1459078157000/1280x960.jpg)
وقال دونالد ويلبر، وهو أحد مخططي الانقلاب، في وثيقة من التي أفرج عنها وكانت قد كتبت بعد أشهر من الإطاحة بمصدق: "كانت هناك تقديرات بأن إيران كانت تواجه خطر السقوط الحقيقي خلف الستار الحديدي، وإذا ما وقع هذا، فإن ذلك سيعني نصراً للسوفيات في الحرب الباردة، وانتكاسة كبرى للغرب في الشرق الأوسط"، وتشير الوثائق أيضاً إلى كيفية إعداد الاستخبارات المركزية للانقلاب من خلال وضع أخبار معارضة لمصدق في كل من الإعلام الإيراني والأميركي.إذن ظلت الإدارات المتعاقبة تنفي ما هو حقيقة بالفعل، يعلمون جيدا ماذا فعلوا ويصرون على عدم وجود أي مسؤولية أو دور لأجهزتهم، يفعلون ذلك وهم يعلمون أنه في يوم من الأيام ستنكشف الحقيقة، وأنهم هم الذين سيكشفون عنها عندما يحين الوقت. هذا الموقف دفع إلى ذهني التساؤل البسيط، متى يحين الوقت وتنكشف حقيقة العلاقة بين "الإخوان المسلمين" وتوابعها في المنطقة العربية مع الإدارات الأميركية؟ والسؤال المرتبط به وهو أكثر أهمية ما هي طبيعة الدور الأميركي في إعاقة حق الشعب في تقرير مصيره وما يرغب؟ ولماذا هذا الموقف المريب مما حدث في مصر الذي خرج شعبها ليطيح بالجماعة من صدارة المشهد السياسي في مصر لتقرر الجماعة نفسها أن تتحول إلى عدو الشعب انتقاماً لفقدها السلطة.في أكثر من لقاء لي مع من هم في دائرة القرار كان السؤال الذي عجز الجميع عن الإجابة عنه، ماذا تريد أميركا والغرب منا؟ ماذا يريد الأميركيون؟ ويسألون دون أن ينتظروا إجابة ما الذي بينهم وبين الإخوان؟ هل هناك اتفاقات سرية بينهم وبين الإخوان في إطار إعادة تنظيم المنطقة وتخشى الدول الغربية أن يكشف عنها الإخوان فيفتضح أمرهم؟ هذه أسئلة لا ينحصر ترددها في أوساط صناعة القرار فقط بل تصل إلى مستوى المواطن العادي الذي يقف عاجزاً عن فهم المواقف الغربية والأميركية من بلاده وسعيهم إلى تحطيم أملهم في العيش في بلدهم كما يعرفونه.من المعروف أن الاتصالات بين الأميركان والإخوان لم تنقطع منذ فترة طويلة، لكن هذه الاتصالات تكثفت بالتحديد في عام 2004 بعد المقولة الشهيرة لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس "الفوضى الخلاقة"، حيث كان الأميركان وقتها لديهم تصور بأن الإرهاب الذي حدث، سواء في 11 سبتمبر بالولايات المتحدة أو مدريد أو لندن، منبعه الاعتقاد لدى هذه الجماعات المتشددة بمساندة أميركا لأنظمة "دكتاتورية" تحول دون وصول الإسلاميين إلى الحكم، وفي نفس الوقت كانت هناك أصوات داخل الولايات المتحدة تنادي بوصول الإسلاميين إلى السلطة بشرط إزالة المناطق الرمادية، ومنها الموقف من المرأة والآخر (الأقباط) والديمقراطية والغرب بصفة عامة، وكانت هذه الرؤية تؤكد أن وصول الإسلاميين إلى السلطة سيحول الشباب الإسلامي عن التنظيمات العنيفة مثل تنظيم القاعدة إلى هذه التنظيمات الإسلامية المعتدلة، وبعدها لن تكون هناك مشكلة من وصول الإسلاميين إلى السلطة، خصوصا الإخوان.هذه العلاقة المريبة والتي تعود جذورها إلى نشأة الجماعة ثم أطلت برأسها في الخمسينيات ثم باتت اتصالات خفية مع مطلع الألفية الجديدة لتتطور إلى علاقة "شرعية" معلنة عقب أحداث يناير 2011 ويشهد مكتب إرشاد الجماعة على جبل المقطم المسؤولين الأميركيين يحجون إليه بصحبة سفيرتهم في القاهرة، حتى أن هناك من رصد هذه اللقاءات خلال عام باثنتي عشرة زيارة لمسؤولين أميركيين وأعضاء كونغرس.خرج المصريون وأطاحوا الإخوان وأطاحوا معهم مخططات واتفاقات لا نعلم عنها الكثير حتى اليوم، ويظل السؤال هل سننتظر ستين عاماً أخرى قبل أن نفهم ماذا يحدث؟