يسود انطباع لدى جهات قيادية في «قوى 14 آذار» بأن «حزب الله» يسعى إلى الاستفادة من الأزمة الحالية الناجمة عن السجالات في شأن القانون الذي ستتم على أساسه الانتخابات النيابية المقبلة من أجل الوصول بلبنان الى أزمة نظام لا يمكن الخروج منها إلا من خلال تسوية جديدة تكون بديلا عن اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب في لبنان عام 1989 على قاعدة التفاهم على تقسيم جديد للسلطة ومواقعها بين الطوائف اللبنانية.

Ad

وترى الجهات المذكورة أن «حزب الله» يخير اللبنانيين عموما وخصومه السياسيين خصوصا بين أمرين:

- إما الموافقة على قانون للانتخاب يسمح لـ»قوى 8 آذار» بوضع يدها على المؤسسات الدستورية بدءا بمجلس النواب في يونيو 2013، مرورا بالحكومة التي سيتم تشكيلها بعد الانتخابات، وانتهاء بالرئيس المقبل للجمهورية الذي سينتخب في مايو 2014.

- أو إدخال البلاد في فراغ دستوري شبيه بالذي عاشه لبنان في عام 1988، بحيث لا تتم الانتخابات النيابية، فتستمر الحكومة الحالية في تصريف الأعمال وبالتالي في الإمساك بالقرارات السياسية والإدارية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والمالية وغيرها، الى أن يحين موعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي للجمهورية ميشال سليمان في عام 2014 من دون وجود مجلس للنواب ينتخب رئيسا جديدا.

وعند هذا الواقع سيعتبر «حزب الله» وحلفاؤه وحتى بعض خصومه أن الأزمة في لبنان ليست مجرد أزمة خلافية حول قانون الانتخاب لناحية حجم الدوائر وشكلها، أو طبيعة النظام الانتخابي الذي سيعتمد بين الخيار النسبي أو الخيار الأكثري أو خيار الدمج بين الاثنين، بل هي أزمة النظام السياسي المعتمد والمعبر عنه في الدستور اللبناني المعدل بحسب اتفاق الطائف، وبالتالي فإن الخروج من الأزمة يتطلب البحث في نظام جديد وليس بمجرد قانون جديد للانتخاب.

وتتخوف المصادر القيادية في «قوى 14 آذار» من أن يكون الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله في صدد استراتيجية بعيدة الأمد تقضي بفرض وجهة نظره التي سبق أن عبر عنها قبل أشهر قليلة بالدعوة الى مؤتمر تأسيسي مع ما يعنيه مثل هذا المؤتمر من إعادة نظر بالأسس التي يقوم عليها النظام السياسي في لبنان والمؤسسات الدستورية.

من هنا التشاؤم الذي يسود الدوائر القيادية في المعارضة حيال إمكان التوصل الى اتفاق داخل اللجنة النيابية الفرعية التي ستجتمع اعتبارا من الاسبوع المقبل في أحد الفنادق القريبة من مبنى مجلس النواب في وسط بيروت في محاولة للتوصل الى تفاهم بين مكوناتها الممثلة للفرقاء الأساسيين في لبنان حول القانون المقبل للانتخابات النيابية.

وتنطلق «14 آذار» في تشاؤمها من معلومات جدية يتم التداول بها في شأن حقيقة نوايا حزب الله وحلفائه. وتتحدث عن أن «8 آذار» بصدد خطة متدرجة لوضع اليد على الدولة ومؤسساتها، من خلال سياسة القضم، وكسب الوقت، لحرق الاستحقاقات والمواعيد الدستورية واحدا بعد الآخر وصولا الى أمر واقع يتطلب الخروج منه هذه المرة ليس تكرارا لتجربة اتفاق الدوحة التي اعتبرت تفسيرا واجتهادا في تطبيق الإتفاق الأم المتمثل باتفاق الطائف، وإنما الى طائف جديد يتضمن قواعد وأسس جديدة لتوزيع السلطة يحقق من خلالها «حزب الله» بالدستور ما ترفض «قوى 14 آذار» إعطاءه إياه بالأمر الواقع المتمثل بوهج السلاح وتأثيراته الميدانية على الحياة السياسية اللبنانية بكافة أبعادها.