الشاعرة سعاد سعيود: القصيدة العمودية هي الأبقى

نشر في 15-10-2013 | 00:04
آخر تحديث 15-10-2013 | 00:04
No Image Caption
الشعر هروب جميل من خوف ما يهددنا، إلى استقرار يرتب ذواتنا لنستمر في الحياة، هكذا تحدد الشاعرة الجزائرية سعاد سعيود الشعر الذي خاضت تجربته في ديوانين «العصافير البيضاء لا تموت» و{عرس البحر»، وتستعد لإصدار ديوان ثالث.
ولأنها إعلامية تعتبر أن الإعلام الطريق الأقرب لإيصال الشعر إلى الإنسانية والمحامي الأوحد للجمال بمفهومه الواسع. حول تجربتها الشعرية ورأيها بقصيدة النثر كان الحوار التالي معها.
كيف تقيّمين الديوانين الجديدين؟

مجموعتان شعريتان قد أكون تسرعت في نشرهما، إذ اكتشفت أخطاء فيهما بعد النشر ما وجب تصحيحه وضبطه. لكني لم أندم كون تجربة النشر جميلة عرفتني إلى الجمهور وعلمتني أموراً لم أكن لأعلمها من دونها.

ورحلتك مع الشعر والإعلام وأيهما الأقرب إليك؟

ربما كان الإعلام الأقرب لأنه يحملنا إلى مدى أبعد، وقد يكون المحامي الأوحد للشعر والإنسانية والجمال بمفهومه الواسع، لكني أمام هذا الكم من المعلومات المغلوطة والغلو في التعصب وتهشم الحلم الإعلامي أمام تهشم الحلم الشعبي، بسبب الأحداث بالوطن العربي، فتحوّلت الثورات ضد الغاصب إلى مسيرة كسب سياسي للوصول إلى المنصب بأي طريقة حتى لو فتح ذلك باباً لمستعمر جديد... وهذا ما لا ينسجم ومبادئ حفظتها كجزائرية عن ثورة نوفمبر الخالدة ضد المستعمر الفرنسي، ما جعلني أنحاز إلى الشعر وأتمسك به، وألجأ إلى القصيدة كلما ضاق بي الفكر وانسدت أمامي الأبواب التي أفتحها، في كل مرة، على أمل جديد وما أنسب من قصيدة كمفتاح لباب أمل.

وكيف أضافت إليكِ الغربة في النمسا؟

الغربة مدرسة، تعيد إلينا اتزاننا العاطفي في دورة حياتية تختلف عن تلك التي نحياها في الوطن الأم.

الغربة تجعلنا نحلم بالوطن من بعيد، من وراء نافذة ومن خلال جدران مفتوحة على الآخر بحرية وحماية قانونية، ونرغب بدافع منها في التغيير بوجود غِيرة تخلقها المقارنة بين عصرين كاملين أو حضارتين: واحدة استقرت وأخرى ما زالت أرضيتها زلزالية لا تهدأ رجاتها حتى يأتيها طوفان من جديد.

بمن تأثرتِ في كتاباتك الشعرية عربياً وعالمياً؟

تأثرت بنزار قباني ومحمود درويش في الشعر، نجيب محفوظ ويوسف السباعي وجبران خليل جبران وكل كتاب يقع بين يدي لكبار الكتاب في الأدب. أما عالمياً فتأثرت بالأدب الروسي، ولماكسيم غوركي أثر كبير في ثورتي الهادئة التي تبدو جلية في كتاباتي سواء الشعرية أو النثرية.

البعض يتهم قصيدة النثر بأنها مجرد خواطر شخصية ولا ترقى إلى مستوى القصيدة العمودية فما تعليقك؟

لا أستطيع القول إنها ترقى أو لا ترقى أو أن أسمّيها قصيدة، هي جميلة لكنها ليست قصيدة في نظري، أكرر، هي ليست قصيدة بل هي نثر مكتوب على شكل قصيدة... فهي تشبه امرأة جميلة لكنها تحضر حفلة تنكرية تلبس فيها وجهاً ليس لها.

هل نفهم من كلامك أنك ضد التجديد؟

قد نلبس الشعر ما نريد من لباس عصري يزيد في رونقه، لكن أن ننزع عنه النغمة الموسيقية بحجة التجديد فهذا غير معقول ولا مقبول، وهي وجهة نظر خاصة، مع احترامي لكل المدافعين عن هذا النوع الأدبي النثري لا الشعري.

 تبقى القصيدة العمودية الجذر الذي نفخر به كإرث من أجدادنا، وإن غيرنا فلنا الأجر لكن من دون قتل للشعر بسكين التراجم الغربية التي تبقى، رغم جمالها، مغتربة وسط القصيدة العربية المموسقة، ثم أين سنرمي بالخاطرة إذا صارت التسمية « قصيدة نثر»؟

ألا تعتقدين بأن ثمة قطيعة ثقافية بين المشرق والمغرب العربي؟

إطلاقاً، بدليل أنني ذكرت أدباء مشارقة تأثرت بهم بشكل واضح، بل ثمة هوة في العلاقات التي تمنع الاتحاد وتحدث قطيعة عاطفية، من خلال حدود وسياسات انتهجتها السلطة لحاجة في نفس يعقوب... كما أن ثمة جهلا بالآخر كاعتقاد المشارقة أن الجزائري لا يحسن العربية وأنه فرنسي اللغة ومتأثر بالمستعمر رغم بغضه له، وأؤكد أن جمعية العلماء المسلمين والزوايا والمساجد، جميعهم أدوا دوراً في بقاء اللغة العربية سيدة في الجزائر، يتقنها الجزائري كغيره من المشارقة، وربما أحسن لدرجة إحداث مفاجأة أحيانا.

كيف تقيّمين دور الترجمة في نقل الأدب والثقافة العربية إلى الغرب؟ وما مدى وجود الأدب العربي في الغرب؟

يؤسفني أن أزور معرض الكتاب الدولي مثلا ولا أجد إلا دولة عربية واحدة مشاركة فيه، إذا لم نروج لكتبنا عبر ترجمة ذاتية تنتقل من خلال المعارض التي نزور فيها الآخر فمن يفعل ذلك؟ وحدها المملكة العربية السعودية تشارك في معرض فيينا الدولي للكتاب منذ سنوات ومن خلال كتب دينية في أغلبها، وهنا أردد ما قلته سابقاً: ليست الوزارات جادة في نقل ثقافتنا إلى الآخر رغم تعطش الآخر لمعرفتها.

كذلك يؤسفني أن أرى انعداماً تاماً للكتاب العربي بمختلف تخصصاته، وإن وجد أدباء عرب فإن كتبهم في معظمها كتبت باللغة الإنكليزية أو الألمانية أو الفرنسية، وهي كتب غير مترجمة بل كتبها أصحابها بلغة الآخر.

ما رأيك بالمبادرات دعم الشعر في الوطن العربي؟

 

إذا كنت تقصد ما تقوم به البرامج التلفزيونية كبرنامج «أمير الشعراء» فأنا أراها من زاويتين، زاوية إيجابية كونها أعطت اهتماماً للشعر ودعمته، فصار للشعر جمهور لا يستهان به، أما سلبياتها فهي طريقة التحكيم التي تخضع لجمهور الرنة أو « الأس إم أس»، ما يجعل القصيدة جارية في سوق المزاد لمن يدفع أكثر، ما يؤدي إلى إقصاء من كان من الواجب إعلاء شأنه وإنجاح من لم يعطِ كما أعطى من أقصيَ، فنقع في فوضى تحكيمية غير موضوعية لا تخسر في النهاية سوى القصيدة الجيدة.

ما جديدك في الفترة المقبلة؟

«غضب السنابل» ديواني الشعري المقبل.

back to top