أزمة الإسكان أكبر من قدرة الدولة
• وفق السياسات الحالية سيصبح لدينا 148 ألف طلب إسكاني بعد 10 سنوات• مشاريع «الإسكان» و«الكهرباء» على الورق... و«الأشغال» تنتظرهما
• شركتا المطلاع والخيران طُرحتا منذ 4 سنوات ولم تؤسَّسا حتى الآنرغم أن القضية الإسكانية هي الأكثر تصدراً للقضايا الخدمية المطروحة على الساحة هذه الأيام، فإن آلية حلها لا تزال قاصرة، نتيجة لعدم وجود خطة واضحة تجمع الجهود الحكومية لحل هذه الأزمة المتشابكة بين جهات كثيرة.والأزمة الإسكانية لا ترتبط فقط بالمؤسسة العامة للرعاية السكنية بل تشمل معها، بالدرجة الأولى، وزارتَي الكهرباء والأشغال، المعنيتين بتنفيذ المدن وإنشاء البنية التحتية، وأهمها الكهرباء، ثم بدرجة أقل، وزارات التربية والصحة والداخلية والمواصلات، ما يستدعي أن تكون هناك خطط مشتركة محددة بجدول زمني تفصيلي يبين الأهداف السنوية ومدى تطبيق كل جهة لما يناط بها من خطط، كي يكون الإنجاز أو القصور ملموسين، وعندئذٍ يمكن محاسبة المقصر ومكافأة المنجز.وعلى الصعيد العملي، هناك ما يثبت أن الكويت تسير في طريق مسدود في القضية الإسكانية، فالأرقام والإجراءات الحكومية أقل بكثير من طموح تنفيذ 10 آلاف وحدة سنوياً، إذ تتحدث خطة التنمية عما لا يتجاوز 4750 وحدة (كهدف أعلى)، أي أقل من نصف المطلوب، ما يعني أن الكويت بعد 10 سنوات، حتى لو نفذت 47500 وحدة سكنية، فإن عدد الطلبات الإسكانية عام 2023 - على فرض ثبات عدد المسجلين سنوياً- سيبلغ 148 ألف طلب، وهنا نتحدث عن نمو إضافي في الأزمة الحالية يعادل 40 إلى 50%. وفي وقت فاقت الطلبات الإسكانية 105 آلاف طلب، بنمو سنوي يصل إلى 8% أي بمعدل 9 آلاف طلب جديد سنوياً، نرى في الجانب الحكومي تباطؤاً في تأسيس شركتي مشروعي الخيران والمطلاع، اللذين يلبيان 56 ألف وحدة سكنية. ومع أنهما معتمدان منذ نحو 4 سنوات فإنهما لا يزالان في مراحل الترسية والتأهيل، وغير ذلك من الإجراءات البيروقراطية، دون تسليم طلب لتأسيس أي منهما حتى الآن.أما بالنسبة للكهرباء فجميع الوحدات الكهربائية في الكويت تمتلك طاقة إنتاجية تصل إلى 14 ألف ميغاوات، وهي، بالكاد، تكفي الوحدات السكنية في المناطق القديمة، أما طرح وحدات ومدن جديدة فلا بد أن تواكبه زيادة في الطاقة الكهربائية لتصل في مجملها إلى 29 ألف ميغاوات، وحسب الخطط الخاصة بوزارة الكهرباء فإنها تتحدث عن نحو 11 ألف ميغاوات جديدة تضاف إلى 14 ألفاً موجودة أصلاً، أي بإجمالي 25 ألف ميغاوات.والرقم السابق يوازي 82% من الاحتياجات الكهربائية، وهو رقم جيد جداً، غير أنه لا يزال على الورق أكثر من كونه واقعاً يتم تنفيذه على أرض المشاريع، فأكبر مشروعين خاصين بخطة التنمية في قطاع الكهرباء، وهما محطة الخيران ومحطة الشعيبة الشمالية للتوربينات الغازية، لا يزالان على الورق، وإجراءات تأسيسهما طويلة، خصوصاً أن الأولوية في وزارة الكهرباء ليست لإنشاء مدن جديدة بل لتوفير الطاقة الكهربائية للمناطق الموجودة.وبالنسبة إلى المياه، فإن تلك المشاريع السكنية الجديدة تحتاج إلى نحو 200 مليون غالون إمبراطوري يومياً لتغطية احتياج 150 الف وحدة سكنية، وهذا مشروع يأتي ضمناً مع مشاريع محطات الكهرباء في الوقت والتكلفة.ويقول وكيل وزارة الكهرباء والماء المساعد لقطاع مشاريع المياه المهندس حمود الروضان لـ"الجريدة" إن "الوزارة لديها خطة خاصة لكل مشروع، فاحتياجات المئة بيت ليست كاحتياجات الألف، وكذلك احتياجات الـ150 ألف وحدة سكنية"، لافتاً إلى أن المؤسسة السكنية "إذا أرادت إقامة أي مشروع، فلا بد أن يكون هناك تنسيق مشترك بين الجهات الحكومية، ومن ضمنها وزارة الكهرباء والماء، لاحتوائها على قطاعين مهمين (كهربائي ومائي)، كما ينبغي أن يكون تقديم الطلبات لتلك الجهة من خلال التنسيق المسبق، ثم نحدد لها الفترة التي نحتاج إليها لإجراء دراساتنا لتوفير الطاقة اللازمة".أما وزارة الأشغال فليست لديها خطط تتعلق بتجهيز البنية التحتية لتنفيذ المدن الإسكانية، بل هي، كما قال وكيل الوزارة المساعد لقطاع التخطيط والتنمية المهندس محمد بن نخي لـ"الجريدة"، "تتعاون في المشاريع التي تخدم المواطنين، وتساهم بكل طاقتها لتنفيذ البنى التحتية وتجهيزها، ومن ثم تسليمها للرعاية السكنية لإقامة مشاريعها عليها".وأفاد بن نخي بأن الوزارة لديها القدرة على تنفيذ الطرق الداخلية والمداخل والمخارج المحيطة بتلك المناطق، وكذلك ربط شبكات الصرف الصحي لتلك المناطق بشبكاتها الصحية المرتبطة بمحطات الصرف، وذلك بالتنسيق مع مقاولي الشركات التي تنفذ تلك المساكن، بحيث يقومون بربط الشبكات، بعد الانتهاء منها، بالشبكة العامة.ومن الواضح أن الخطط الخاصة بالمدن الجديدة ترتبط بسياسة كل وزارة على حدة، في ظل اختلاف أولويات كل منها عن الأخرى، فأولوية "الإسكان" تختلف عن "الكهرباء"، وهذه مغايرة لأولوية "الأشغال" وهكذا... وبالتالي ما لم تكن الخطط واضحة بحيث تسير، في الوقت نفسه نحو حل الأزمة الإسكانية عبر توفير البنية التحتية كالكهرباء والطرق والشبكات الصحية وغيرها، فستتعاظم هذه الأزمة أكثر من السابق، خصوصاً إذا علمنا أن 50% من الكويتيين دون سن الــ21 عاماً، ما يشكل ضغطاً على قدرة خدمات الدولة عاماً تلو الآخر.