رغم تراجع حدة الاحتجاجات والتظاهرات في السودان على خلفية رفع الدعم عن أسعار الوقود، فإن السلطات السودانية مستمرة في حملة الاعتقالات التي شملت صحافيين بارزين في اليومين الأخيرين.

Ad

تجددت التظاهرات المناهضة للنظام الحاكم في السودان أمس الأول، في حين أطلقت السلطات سراح عدد من المتهمين بأعمال عنف مرتبطة بالاحتجاجات التي تشهدها البلاد بسبب رفع أسعار الوقود، بينما اعتقل عدد من الصحافيين.

وأمر الرئيس السوداني عمر البشير بالإفراج عن نساء اعتقلن على خلفية الاحتجاجات، في حين أخلى قاض سبيل 19 شخصا اعتقلوا إثر أعمال العنف الأخيرة.

وأكد شهود عيان أمس، أن تظاهرات خرجت أمس الأول في مدن سودانية متفرقة في يوم احتجاجي جديد. وقال الشهود إنه في مدينة سنار جنوب شرق الخرطوم خرجت مسيرات عدة تدخلت الشرطة لتفريقها مستخدمة الغازات المسيلة للدموع، مضيفة أن المتظاهرين هتفوا «حرية» وأشعلوا إطارات للسيارات، كما انطلقت تظاهرات حاشدة في أحياء عدة منها حي شمبات الفقير في شمال الخرطوم مطالبين بإسقاط النظام.

 

اعتقال صحافيين 

 

في غضون ذلك، أوقف جهاز الأمن خلال اليومين الماضيين، عدداً من الكتاب الصحافيين، أبرزهم الطاهر ساتي، الهندي عزالدين، حيدر المكاشفي، حسن إسماعيل.

من جهة ثانية، دعا اتحاد الصحافيين السودانيين السلطات المختصة بإطلاق سراح الصحافيين، ووقف مصادرة الصحف وتعطيل صدورها، والاحتكام للقانون في مخالفات النشر. وطالب الاتحاد في بيان له أمس بـ»عدم اللجوء للإجراءات الاستثنائية»، معتبراً أن البلاد في «حاجة إلى أجهزة الإعلام، لإبراز الصورة الحقيقية للسودان، والتأكيد على الحريات الصحافية».

 

إخلاء سبيل

 

وأخلت محكمة في شرق الخرطوم أمس الأول سبيل 19 متهما شاركوا في الاحتجاجات. وقال المحامي معتصم الحاج أحد وكلاء الدفاع عن مجموعة من 35 شخصا بدأت محاكمتهم الخميس الماضي أمام محكمة الحاج يوسف أمس، إن القاضي «لم يجد أدلة» ضد 19 متهما ينتمون إلى هذه المجموعة، موضحاً أن محاكمة المتهمين الـ16 الآخرين ستتواصل.

 

حوار وطني

 

في سياق آخر، أعلن حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم في السودان، عزمه الدخول في حوار مع أحزاب المعارضة، وعلى رأسها المؤتمر الشعبي، والأمة القومي.

وقال المتحدث باسم حزب المؤتمر ياسر يوسف، إن الهدف من هذا الحوار هو «ضمان استمرار التواصل بين المكونات السياسية في البلاد، وبحث سبل التوافق الوطني حول المرحلة المقبلة»، مضيفا: «نعتقد أن قضية الدستور محورية وأساسية، ويمكن أن تشكل سقفاً وطنياً لكل القوى السياسية، تجتمع تحته، لبحث المستقبل والمرحلة المقبلة للبلاد».

إلا أن كمال عمر عبدالسلام المتحدث باسم تحالف المعارضة السودانية، أعرب عن رفض المعارضة لهذا الحوار، قائلا إن «المعارضة لن تمنح الحزب الحاكم شرعية سياسية عبر الحوار».

وأضاف عبدالسلام: «جهدنا الآن مركز في العمل على إسقاط النظام، ولن نتراجع، وقرار المؤتمر الوطني بالحوار مع المعارضة مجرد أمان لن تتحقق».

ومضى قائلا: «لن ندخل حواراً مع الحزب الحاكم، إلا حول كيفية تسليم السلطة للشعب».

 

الصادق المهدي

 

في غضون ذلك، قال زعيم حزب «الأمة» القومي المعارض الصادق المهدي، أمس، إن ما تشهده بلاده مؤخراً من احتجاجات شعبية «ليس ثورة، لكن الظروف الموضوعية لاندلاع ثورة متوافرة».

وأضاف المهدي في مقابلة مع مراسل الأناضول أن «انحسار الاحتجاجات التي اندلعت ضد النظام في 24 من الشهر الماضي إثر رفع الدعم عن الوقود في الأسبوع الثاني لا يعني أنها انتهت، لأن الإجراءات الاقتصادية التي تسببت فيها لم تظهر آثارها المعيشية بعد، وعندما تظهر ستكون النتائج وخيمة».

وأقر المهدي أن «أحزاب المعارضة غير متفقة ولم تلعب دوراً في تنظيم وقيادة الاحتجاجات، الأمر الذي ترتب عليه انحسارها»، لكنه نبّه إلى أن «الحالة الثورية لا تحتاج إلى استعداد من الأحزاب كما حدث في السودان مرتين وفي مصر وتونس».

ووصف شعار الربيع العربي «الشعب يريد إسقاط النظام» بأنه «شعار ناقص، والأفضل شعار «الشعب يريد نظاما جديدا»، حتى يكون التركيز مع ما نريده وليس ما لا نريده».

وقال المهدي، وهو آخر رئيس وزراء منتخب، انقلب عليه البشير مدعوماً من الإسلاميين في عام 1989، إنه «لا يمانع في التنسيق مع التيار الإصلاحي في الحزب الحاكم»، واصفاً قادته بأنهم «مؤثرون جدا وناضجون ولديهم إحساس بالوطنية». 

وعن اتهام صحف موالية للنظام الحاكم بالسودان للرياض بـ»الوقوف وراء الاحتجاجات»، قال المهدي إن «سوء العلاقة مع الخليج هو صدى لتطورات الأوضاع في مصر وما تشهده من استقطاب تدعمه دول معادية للاخوان مثل السعودية والإمارات».  

إلى ذلك، أوضحت وزارة الخارجية السودانية في بيان تلقته «الجريدة» أمس أن «علاقة السودان مع دول الخليج راسخة ومتينة وتقوم على ثوابت صلبة»، مؤكدة أن ما «تناقلته بعض التقارير أن دول الخليج والمملكة العربية السعودية تقف خلف الاحتجاجات ما هي إلا أكاذيب وأنباء عارية من الصحة تماماً».

(الخرطوم - أ ف ب، الأناضول)