نفاد الوقت وضيق الصدر، لا أحد يريد أن يصدق مدى قوة تأثير هذين العاملين في صناعة الاحتجاج، في الثمانينيات توافرت فرص العيش الرغيد لمعظم أفراد الشعب بالمقارنة طبعاً مع عقد التسعينيات والفترة التي نعيشها.
تبدأ تلك الحقبة بدون برلمان ودستور معلق من 1976 ومحاولة فاشلة لتنقيح الدستور، ثم إجراء عملية جراحية لنظام الدوائر والتصويت، والشعب منهمك في "سوق المناخ" وكرة القدم، والمزاج العام يردد "الله لا يغير علينا".فقاعة الاقتصاد المتين تنفجر بعدما "نوخ" بعير "سوق المناخ" بالخسائر الثقيلة، ولا يزال المزاج العام يرفل بالأمل والأحلام الوردية، تزهق روح برلمان منتصف الثمانينيات على وقع "تفعيل" أدوات الرقابة ودستور 62 عُلق للأبد، وردّ الفعل الغاضب عليه "شعبيا" ينطلق بعد ثلاث سنوات فيما عرف بـ"دواوين الاثنين"، ثلاث سنوات من الهدوء بلا مسيرات ولا اعتصامات! يا الله كان هناك الكثير من الصبر والأمل والمال والوقت حتى وقعت كارثة الغزو العراقي الغاشم.لقد نعمت الإدارة الحكومية بقبول وخضوع جميع الأطراف السياسية والرأي العام بقواعد اللعبة التي تصب لمصلحة موازين قوتها، كان صبر الجميع "يتمطط" على قياس قدراتها ومستوى تفكيرها، وأدركت هي مدى "طول بالهم"، ومن هنا ومنذ ذلك الوقت وأغلب ملفات اليوم تم بذرها وسقايتها بماء الإهمال وعدم الاكتراث لصغر حجمها، فما زال في الوقت متسع.خلاصة القول، حقبة الثمانينيات استهلكت رصيد "صبر" الناس في الحقب اللاحقة، واستنفدت فترة الحكومات السبع التي شكّلها سمو الشيخ ناصر المحمد كل قدرات أشطر الشطار في إمكان خلق أجواء تسمح بالصبر على مستوى الإدارة الحكومية لأمور البلاد.لقد انتهى وقت الصبر، من زمان، مهما حاولنا البحث عن أعذار أو مشاجب نعلق عليها أسباب تأخرنا كدولة، مهما بدّلنا واستبدلنا من أشخاص وأنظمة فلترة عالية الجودة لكلمات "التحلطم"، فإن التذمر سيبقى هو سيد الموقف وستنتج بيئة السوء والتردي أبطال اللحظة وتجار المواقف، لأن الناس عادة لا يعيشون على سمعة الأيام الغابرة وإنجازات الماضي، هم يريدون أيامهم أحسن من أيام من سبقوهم وبمثل مستواها إن لم تتوافر، هم يعلمون أن الجديد أي جديد في أي مواقع المسؤولية غير مسؤول عن أخطاء الماضي، لكنهم يعلمون أيضاً أن الجديد معنيٌّ دون غيره بإجراءات التصحيح والإنجاز.إن الحكومة الجديدة ورئيسها سمو الشيخ جابر المبارك ليس أمامهما غير طريق النجاح؛ لكسب المزيد من الوقت والتمتع بميزة صبر الناس الذين ما إن يشعروا بأن هناك شيئاً ملموساً يحدث على أرض الواقع، حتى يحرصوا على المحافظة على "الواقع" الجديد والتمسك به بأيديهم وأسنانهم، ومشاكلنا وحلولها ليس بالأمر الجديد. والمطلوب فوراً هو نسف الجهاز الإداري في وزارات ومؤسسات الدولة لرفع مستواه، وجعله أكثر استجابة للإصلاحات، ومواكبة التحولات الكبيرة في عالم التكنولوجيا.أعيدها مرة ثانية، لقد انتهى وقت الصبر من زمان، وما ستخسره الحكومة اليوم سيذهب فوراً إلى رصيد المعارضة، والاعتقاد بأننا سنعود إلى هدوء الثمانينيات هكذا دون عمل متواصل اعتقاد خاطئ لن يصمد كثيراً والساعات بيننا.
مقالات
الأغلبية الصامتة: الساعات بيننا
01-08-2013