لنحترم الصباحات!
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
ولأني كائن صباحي، فصباحاتي، كما قال كونديرا، هي التي تقرر طباعي... لست ممن تقطع صباحاتهم صدمات كهربائية يطلقها عليهم منبه تعيس ما، بل أنا ممن يفيقون بسلاسة لأني أصلا ممن يخلدون إلى النوم باكراً. أحرص كثيراً على أن يكون صباحي جميلاً هانئاً هادئاً وادعاً سلساً بقدر الإمكان، لأن يومي حين يبدأ كذلك فإنه غالبا ما يستمر كذلك. بل أزيدكم أني ممن يتقصدون صنع الصباحات الجميلة عبر طقوس محددة أسعى من خلالها إلى "دوزنة" أوتار نفسي وفكري وروحي على سلم سعيد إيجابي مبتسم، كي أستطيع بعدها أن أعمل وأنتج وأعطي بفعالية وسعادة.وفي تلك الأيام الغائمة، التي تغلبني فيها الظروف، فيبدأ الصباح رغماً عني عكراً نكداً عسيراً، لسبب ما، فإن المزاج برمته ينحرف إلى السلم العكر النكد العسير طوال اليوم، فتصبح النفس غير قادرة على استعادة أنغامها الإيجابية، وتغدو الحواس جميعاً كمغناطيسات لا تقع إلا على السلبيات، بل تصير عدسات مكبرة ترى في أصغر حبة أكبر قبة!الصباح في نظري كغزال بري لا يصح أن يقترب منه الإنسان بفظاظة وقسوة، بل يحتاج منه اقترابا مسالما ذكيا، حتى لا ينفر ويشرد. لهذا لا يصلح أن يقطع الإنسان نومه بضربة قاسية من صراخ المنبه، وألا يكون قد أخذ كفايته من النوم لسهره طوال الليلة السابقة. هذه الضربة المباغتة المتبوعة بالقفز الإجباري في وتيرة الحياة السريعة كفيلة بإفساد حتى المزاج المصنوع من الحديد، ولكم أن تتخيلوا حالة المفزوع هذا في طريقه إلى عمله وبعدها في عمله وفي سائر يومه.نحن بحاجة حقاً إلى أن نعود إلى احترام الصباح، كما قال كونديرا، واحترام الصباح يكون أولاً وقبل أي شيء بأن نحصل على قسط وافر من النوم يمكننا بعده أن نفيق بهدوء وروية ودون حاجة لمنبه يصعقنا صعقاً!