قبل أيام التقيت صديقاً مصرياً صعيدياً أعرفه منذ إحدى عشرة سنة كان يعمل طباخاً والآن معلم صبغ! وهو متابع جيد للأخبار السياسية عن طريق الراديو، ولا تستغرب إن علمت أنه لا يقرأ ولا يكتب، جلست معه في الملحق القديم الذي يقيم فيه ورغم كبر سنه فإنه محرك ذو حركة دؤوبة- ما شاء الله- ويؤمن تماماً بمقولة "الرزق يحب الخفية"!

Ad

تحدثت معه عن الأحداث في مصر وكان مزاجه سيئاً، وقال لي بلهجة صعيدية صرفة: "شوف يا ابني دول كلهم حرامية واحنا الغلابة اللي حناكلها"!

كيف يا حاج بسيوني؟ رد: "سيبهم دول حَوَش"... وطبعاً كانت تلك الكلمة هي الأنظف بين كلمات أخرى كثيرة غير صالحة للنشر وصف بها أطراف الصراع في أرض الكنانة.

يكمل صاحبنا الحاج بسيوني وكأنه محلل سياسي في إحدى القنوات الإخبارية (أظنه تخيل نفسه متصدراً طاولة حوار سياسي) موجهاً حديثه لي: "يا ابني أنا ابن مصر وعارفها دول ناس مدعومين، ومالكش دعوة في تصريحات الأمريكان وإنهم عاوزين حوار ويؤيدوا الشرعية، دا الأمريكان كدابين، هم مع اللي يفوز وبس، وتلاقيهم هم أساس البلا!... أهم حاجة عندهم مصالحهم ولا تقولي ديمقراطية ولا إخوان ولا حتى السيسي"!

ثم يتكئ على جانبه ويكمل: "يعني أنت مصدق إن اللي يعمل الانقلاب على مرسي مش ناوي يوجه العيون عن سورية؟! دي لعبة كبيرة جوي".

نظرت إليه طويلاً... وسألته: يا حاج من أين أتيت بهذه المعلومات، وأنت بين براميل الصبغ وماكينة خلط الأصباغ؟

لم يجب عن السؤال ونظر إلي بابتسامة ساخرة... بعدها دعاني إلى كأس شاي "كشري" قائلاً: "الله يرحم أيامك يا عبدالناصر"!

هذا ما صرح به الحاج بسيوني الطباخ سابقاً والصباغ والمحلل السياسي حالياً!