الإعلام في عهدة الرئيس

نشر في 01-05-2013
آخر تحديث 01-05-2013 | 00:01
 أ. د. فيصل الشريفي فاجأ سمو الرئيس بمنتهى الشجاعة الأدبية الجميع عندما أعلن تجميده مشروع القانون، ثم أتبعه باعتذار لرؤساء تحرير الصحف الكويتية نيابة عن الوزير من عدم أخذ آراء المختصين في مجال الإعلام.

تعامل سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك مع أزمة قانون الإعلام الموحد يؤكد شجاعته وتفهمه للقضايا الوطنية التي من الممكن أن تنتقص من الحريات، ومع ما كفله الدستور وفقاً لنص المادة (36) التي تنص على أن: "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون"... والمادة (37): "حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون".

وبمنتهى الشجاعة الأدبية فاجأ سمو الرئيس الجميع عندما أعلن تجميده مشروع القانون، ثم أتبعه باعتذار لرؤساء تحرير الصحف الكويتية نيابة عن الوزير من عدم أخذ آراء المختصين في مجال الإعلام.

هذا الموقف ليس غريباً على "أبو صباح" وليس له عندي إلا تفسير واحد يتمحور حول تفهم سموه لحرية التعبير التي جبل عليها أهل الكويت، وأن للصحافة والإعلام دوراً في ترسيخ مفهوم الممارسة الديمقراطية، حتى إن تباينت الآراء واختلفت النوايا، وأنه مهما يُكتَب أو يُقل، إن لم يكن فيه تجريح، يصب في خانة النقد.   

هذه الروح التي أبداها سمو الرئيس لم تكن وليدة المصادفة، فهو استطاع أن يتعامل مع الكثير من القضايا بنفس الأريحية، كما أنه استطاع أن يحافظ على نفس القدر من المهنية سواء مع المجلس المنحل أو المجلس الحالي، وهذا أيضاً ينمّ عن قدرة الشيخ جابر المبارك على التعامل مع توجهات المجلس، وإن تغيرت تركيبته من واقع مهامه الوظيفية التي نص عليها الدستور كرئيس وزراء.    

الأمر الآخر الذي قلّما تجده من وزرائنا، جسده وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود في اللقاء نفسه، بقوله لرؤساء التحرير: "عتبكم على العين والرأس"، وهو اعتراف مباشر بأن هكذا قوانين يجب أن يؤخذ فيها رأي أصحاب الشأن.

الديمقراطية الكويتية التي ترفرف بفضاء الحرية لم تكن لتصل إليها لولا حرية الصحافة، لذا إن كنا نريد أن نعزز مكانة السلطة الرابعة فلا بد من إلغاء القانون الحالي أسوة بالدولة المتقدمة، وأن نكتفي بالقانون الجزائي في حالة الإساءة من خلال تمكين المتضرر الذهاب إلى القضاء مباشرة كأي قضية، وليس من خلال قانون النشر والمطبوعات.

هناك من يستاء من تسرب المعلومات والمحاضر بين وسائل الإعلام، وهي محل جدل لكن تحجيمها، إن لم تكن تخص الأمن القومي، ليس له داعٍ، فالمثل يقول "لا تبوق لا تخاف"، لذا إصرار بعض المسؤولين على إدراجها ضمن القانون هو الجريمة بعينها، وما هو إلا دليل على كم التجاوزات التي تمارس بشكل منظم.

أخيراً هذه الشجاعة التي أبداها سمو الرئيس بتجميده للقانون نهج جديد من التعاون، فالحكمة خطها لا يلتقي مع العناد والمكابرة.

ودمتم سالمين

back to top