«تتكسّر لغتي»... قول على قول (1)
![آدم يوسف](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1463597677535940800/1463597704000/1280x960.jpg)
لم أشعر لحظة متابعتي لهذه المقالات أنني أمام سيرة ذاتية تقريرية لأحداث تاريخية، اجتماعية وسياسية، أو حتى أدبية، بل ينتابني شعور بأنني إزاء نص أدبي، بكل ما تحتمله الكلمة من معنى، وما تختزنه من اشتراطات التمييز اللازمة بين نص إبداعي، وآخر لا يعدو كونه خطابا أدبيا أو تاريخيا، حتى وإن اتشح برداء "السيرة"، أو غيرها من المسميات.لقد استحضرت نجمة إدريس كامل عدّتها، وعتادها الشعري، وهي تكتب هذه الأسطر/ المذكرات، حتى غدا النص الذي بين أيدينا ذا جمالية خاصة، ترتكز على لغته، ذات البلاغة التصويرية، فجَنَبات المكان، ومشاعر الإنسان، وتصورات الحياة، ونموّها شيئا فشيئا في الكويت على مدى أربعة عقود متتالية، نجدها في المقالات، تصويرا سريعا والتقاطات متتالية، بعدسة تعلم جيدا كيف تبقيك يقظاً، حائرا بين أن تتأمل حياة الناس بعامة في تلك المرحلة، أو تعود أدراجك إلى الشاعرة، وخصوصيتها التي لا تنفك، عن مجمل الحدث وإملاءات المرحلة الاجتماعية، وعادات الناس وتقاليدهم في كويت خمسينيات القرن الماضي، وما تبعها من سنوات. في هذه المذكرات لا نجد ترتيبا زمنيا متعاقبا لمراحل نمو القصيدة، واكتمالها لدى الشاعرة، ولسنا نجد فصولا تتحدث عن دواوين بعينها، بقدر ما يكون الحديث عن مرحلة زمنية عامة متصلة بتطوّر القصيدة العربية ونموها جملة، لذا نجد الشاعرة تتحدث عن قصيدة النثر، والمرحلة التي رافقت ظهور ديوان "طقوس الاغتسال والولادة"، ولكنها ما تلبث أن تعود إلى قصيدة التفعيلة، وحضورها مرة أخرى، وبين هذا وذاك، نجد حديثا عن تطور الوعي الشعري في الكويت، وأرباب الشعر العمودي، متمثلا في تلك الأسماء التي تحظى باحترام كبير، من أمثال أحمد السقاف وخالد سعود الزيد، وعبدالله العتيبي.وتُفصح نجمة إدريس عن جيل آخر مواكب لهذه الأسماء ورافد لها من حيث تأسيس قصيدة التفعيلة في الساحة المحلية، ويتجلى ذلك في تجربة الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، وبعده تأتي الشاعرتان جنة القريني، وغنيمة زيد الحرب، وهما مجايلتان للشاعرة نجمة إدريس، ولقد كان هذا الجيل الأخير يمثل صوتا مؤمنا بقصيدة التفعيلة، وداعيا إلى التجديد، وإن لم يكن ذلك صراحة، وإنما يتمثل في الأمسيات الشعرية، وإصراره على قراءة النص التفعيلي جنبا إلى جنب، مع القصيدة العمودية.بالتأكيد ليست هذه الأسماء وحدها ما يمثل المرحلة الشعرية إبان فترتي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ولكنني أمام استشهادات تتعلّق بسيرة ذاتية مختصرة، للشاعرة، استشهادات يمكن تسميتها "قول على قول" أو قراءة في مقال.(يتبع)