النظام الطائفي هو ما يهدد سورية!

نشر في 31-12-2012
آخر تحديث 31-12-2012 | 00:01
 صالح القلاب لايمكن تصديق أن هناك مؤامرة دولية لتدمير سورية وتمزيقها وإنهائها كدولة "صمودٍ وتصدٍّ وممانعة"، وذلك مع أن الإسرائيليين عندما أُقيمت دولتهم على أرض الشعب الفلسطيني اتفق "آباؤهم المؤسسون"، ومن بينهم بالإضافة إلى ديفيد بنغوريون وحاييم وايزمان موشي شاريت (موسى شرتوك)، على ضرورة تمزيق الدول العربية وبخاصة دول هذه المنطقة، وتحويلها إلى دويلات طائفية وإثنية متناحرة تكون مكانة إسرائيل بينها كدولة دينية يهودية كمكانة بريطانيا في الـ"كومنولث" البريطاني، وبالطبع فإن هذا من أجْل ما اعتبروه أهم ركائز الأمن القومي بالنسبة لكيان طارئ وغريب وناشئ محاطٍ بالأعداء من كل جانب.

إنَّ هذه المسألة بالنسبة لإسرائيل لا جدال فيها، فالإسرائيليون سعوا وهم مازالوا يسعون إلى خلق صراعات طائفية وعرقية وبخاصة في الدول المحيطة بهم، ولعل ما يعرفه كثيرون أن آخر محاولاتهم كانت إنشاء كيان مسيحي في الجنوب اللبناني (سعد حداد) يكون منطقة عازلة بين إسرائيل وباقي ما تبقى مِنْ لبنان، حيث كانت المقاومة الفلسطينية تشكل دولة داخل الدولة اللبنانية كما هو واقع حزب الله الآن، لكن تلك المحاولة قد انتهت إلى الفشل الذريع، ومثلها محاولة دفع "الموارنة" في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية إلى أن يكون لهم كيان طائفي خاص وإن ضمن صيغة فيدرالية أو كونفدرالية.

لكن أن يقال إن هناك مؤامرة دولية لتدمير سورية وتمزيقها وإنهائها كدولة "صمود وتصدٍّ وممانعة" فإن هذا غير صحيح على الإطلاق، والمعروف أن الدول الغربية ومن بينها الولايات المتحدة تريد لهذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية الاستقرار والهدوء وأن تصبح كل دولها دولاً ديموقراطية تنشغل بالتنمية والاستثمارات لا بالحروب الداخلية، وكل هذا لأن مصالحها تتطلب هذا وذلك مع أن بعض مصالحها كانت مع التسلُّح والمزيد من التسلُّح، وبخاصة في مرحلة الحرب الباردة وصراع المعسكرات وفي مرحلة انقسام العرب بين موالين للغرب والرأسمالية وموالين للشرق والاشتراكية.

إنه لا شك في أن المسؤول عن اضطراب الأوضاع في أفغانستان وفي العراق أيضاً هو الولايات المتحدة المشهورة لأن لديها قدرة فائقة على افتعال المشاكل، لكن ليس لديها أي قدرة على حلها، ولذلك إذا كان هناك خوف على وحدة سورية فإن سببه أن أميركا لاتزال مترددة في دعم المعارضة وتمكينها من حسم الأمور بسرعة ولقطع الطريق كي لا يكون خيار بشار الأسد، الذي بدعم من روسيا وإيران يرفض الاستقالة والتنحي، هو "الدولة العلوية" التي كانت أحد مشاريع فرنسا الاستعمارية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي والتي كان جدَّه سليمان الأسد من بين الذين وقعوا على "استرْحامٍ" للفرنسيين من أجل إقامتها.

ثم ولنفرض "جدلاً" أنَّ هناك مؤامرة دولية إمبريالية و"سكناجية" أيضاً لتقسيم سورية وتمزيقها، فإن المسؤول عن نجاح مثل هذه المؤامرة هو هذا النظام بتاريخه الاستبدادي المستمر منذ أكثر من أربعين عاماً، والذي بانحيازه الطائفي وارتكابه كل هذه المجازر التي يرتكبها الآن والتي كان قد ارتكبها في "حماة" في عام 1982 قد شرع أبواب هذا البلد أمام كل الذين لهم مصلحة في التلاعب بوحدته الوطنية وكل الذين يسعون لتمزيقه وتحويله إلى دويلاتٍ فسيفسائية طائفية ومذهبية وإثنية .

back to top