كيف تتحول القضايا من محلية إلى دولية؟ وكيف تصبح انتهاكات لحقوق الإنسان محط أنظار المنظومة الدولية؟ وكيف يتم ذلك في الألفية الثالثة، ومع تطور آليات المنظومة الدولية، وتكنولوجيا الاتصال؟
ومع أن الإجابة عن السؤال هي موضوع هذه السلسلة عن التدويل، إلا أن أقصر الطرق هو قيام السلطة بفعل الانتهاك، وعدم قدرتها على ضبط النفس والاستسلام إلى إغراء بدائي تقليدي باستخدام القوة، فبدون حدوث انتهاك فإنه لا يوجد تدويل.هناك قوانين عصور وسطى مازالت تتعامل، على أساس عدم قبول نقاش القضايا خارجياً، بلا اعتبار للتطور المذهل في المنظومة الدولية، ودخول الدولة ذاتها في تعاقدات دولية بهذا الخصوص، وبالتالي تجعل لها مشروعية قانونية محلية.وحتى لا نذهب بعيداً فنضرب أمثلة كويتية مثل كيفية التعامل مع تجمع البدون يوم الجمعة الماضي في تيماء، الذي نجحت فيه السلطة من خلال السلوك الحصيف لقائد الأمن هناك فمر الحدث بسلام ولم يعد هناك موضوع قمع ليثار بالخارج. على العكس من ذلك كان التعامل القمعي مع مسيرة "كرامة وطن 5" الأحد الماضي، وكأن السلطة قد قررت نقل حدث محلي للخارج، وبالتالي الإساءة للبلد والتعريض بسمعته دونما حاجة لمحرض.وينطبق ذلك على المبالغة والتشدد في تفسير الأقوال والتويتات خارج منطق "الشك يفسر لصالح المتهم" وبالتالي إصدار أحكام قاسية.تلك أخبار ستتناولها وكالات الأنباء والصحف المحلية والفضائيات قبل المنظمات الحقوقية. الصورة من الخارج هي أن الحكومة تضرب المعارضة وتقمعها وتسجنها، ولن يقف المجتمع الدولي طويلاً أمام حديث الترخيص لقانون ألغته المحكمة الدستورية وأصبح مهلهلاً لا شخصية له.ما جرى من السماح بمسيرات كرامة وطن 3 و4 وقبلها السماح للبدون بالتجمع والتظاهر ثلاث مرات متتالية كان سلوكاً سياسياً محموداً من السلطة، وتمت الإشادة بذلك دولياً، فلماذا غيرت السلطة أسلوبها في الوقت الذي جربت فيه طريقاً يحفظ الأمن والسلم ويحافظ على سمعة البلاد بالخارج؟ لماذا تصر على خطف عينيها بأصابعها؟فالسلطة تمتلك مشروعية احتكار القوة، لا ينازعها في ذلك أحد، ولديها القوة الفعلية مقابل طرف سلمي، بالممارسة لا بالشعار، ولا يوجد أحد يهدد النظام بالمطلق، واستخدام القوة المفرطة ضد مواطنين مسالمين يضعف من قيمة تلك القوة، وتنقل قضية محلية للخارج دون سبب إلا منطق الإغراء البدائي باستخدام القوة لذاتها ولتأصيل مفهوم عسكرة الدولة أمام مواطنيها العزل المسالمين.وللحديث بقية
أخر كلام
الحكومة تخطف عينيها بأصابعها
09-01-2013