«هديتني ورده...

Ad

فرجيتها لصحابي

خبّيته بكتابي...

زرعته ع المخده،

هديْتك مزهريّه

ما كنت تراعيها...

ولا تعتني فيها...

فضاعت لهْديه!»

هذه الأغنية الفيروزية تلخّص إشكالية تكاد تكون أزلية بين العشاق، وهي اختلاف طرق التعبير عن محبة كل منهما للآخر، هذه الإشكالية كثيراً ما كتبت بحبر من رماد نهاية قصص عشق كان ممكناً لها أن تزهر زنابق من نور، وبسبب هذه الإشكالية دُفنت مشاعر ووري جثمانها في ثرى النسيان، وأقيم سرداق عزائها ولم يحضره سوى الحزن والحسرة والألم ونفر من قبيلة الخيبة!

تقول العاشقة مثلاً: تخيّل... لم يكلّف نفسه يوماً إهدائي وردة تعبّر عن مشاعره تجاهي!

كثيراً ما صحوت من نومي صباحاً أفتّش في هاتفي النقّال على أمل أن أجد رسالة منه تحمل الندى لقلبي، تزف لعيني بشائر يومي، تقدم لروحي حلوى التفاؤل على طبق من حب، لم أطلب سوى رسالة قصيرة ليس بها أكثر من كلمتين: صباح الخير!

هل لك أن تتخيّل أنه لا ينطق بكلمة أحبك من تلقاء ذاته، إنه لا يقولها إلا إجابة عن سؤالي له إن كان يحبني أم لا!! أي حب مستتر بين الأضلع هذا الذي لا يُرى ولا يُحس.

يقول العاشق: أتعرف ما هو المحبط؟! أن ترى نفسك كمن يسقي أرضاً جدباء، فأهدر ماء روحه عبثاً، حتى أصابه اليأس، أعطي لها من قلبي كله، ومن عمري جلّه، ولا تراه، إنها فقط فهي لاهية بالبحث عن وردة!

أبعث بعشرات الرسائل «العملية» يومياً التي تعبّر عن حبي واهتمامي بها، ولا تقرأها، فهي مشغولة بالبحث عن رسالة مني في الهاتف النقال!

«أفعل» كل ما أستطيع وأحيانا ما لا أستطيع لأنني أحبها ولكنها لا تشعر بما أفعل إنها فقط تنتظر ما أقول!

أحس بأن لا جدوى من مشاعري، فلو وجّهت بعض هذه المشاعر لقطّة لحفظت لي الجميل!

في رأيي الشخصي أن إحدى أكبر سيئاتنا في الحب أن المحب يفصّل الحب على مقاييسه ولا شيء سواها، والسيئة الأخرى أننا نقيس مقدار حبه لنا من خلال تلك المقاييس ولا شيء سواها أيضاً!

الطريقة التي نجيد التعبير فيها عن حبنا هي التي يجب على الآخر اتباعها ليثبت لنا أنه يحبنا، ومدى براعته في هذه الطريقة هي التي تحدد مقدار حبه لنا!!

كثيراً ما نتجاهل أن من نحب ليس نسخة عنا، هو آخر... له طريقته في التعبير عن مشاعره، له تركيبته النفسية الخاصة، له كيمياؤه الروحية المميزة، بل إن جماله من المفترض أنه يكمن في اختلافه عنا، هناك من لا يرى في الوردة تعبيرا قيّماً عن مشاعره، هذا لا ينقص من قدر مشاعره شيئاً، فلابد أنه يعبر عن مشاعره برسالة أخرى من المفترض أن نكون قادرين على التقاطها وفكّ شيفرتها.

على المحب واجب إنساني قبل أن يكون عاطفياً وهو أن «يدرس» خارطة من يحب النفسية والسلوكية، ليتمكن من ترجمة وتقدير ما يقول الآخر أو يفعل، وبالتالي يصبح قادراً على الاستمتاع بمشاعر من يحب والارتواء منها.