حديث لا تنقصه الصراحة

نشر في 17-01-2013
آخر تحديث 17-01-2013 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي قبل أيام تشرفت مع مجموعة من الإخوة السفراء من الرعيل الثاني ممن حمل راية الوطن على مدى ما يتجاوز الأربعين عاماً في كل أنحاء الدنيا، بمقابلة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح حفظه الله، وكانت برفقتنا السفيرة نبيلة الملا سفيرة دولة الكويت لدى مملكة بلجيكا والأخ العزيز صالح اللوغاني نائب مدير إدارة مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارحية.

كان من المتوقع أن نقوم بالسلام وتقديم التهنئة بتجديد الثقة الغالية لسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، لتولي هذا المنصب ثم الانصراف، ولكن اللقاء طال وجرى حديث لا تنقصه الصراحة، وتم فتح ملفات غاية في الأهمية.

فعلى مستوى وزارة الخارجية، عبر عن استيائه وتألمه حيث كانت الوزارة محل استهداف لحملات قاسية لعل أقساها ما كان يقوم به بعض أعضاء مجلس الأمة السابقين مما أدى بالضرورة إلى تراجع العمل بالوزارة، وبالتالي تراجع دور الكويت بالتحرك على المستويين الإقليمي والدولي، وانغمسنا في الشأن الداخلي في ظل منطقة تموج بالأحداث وكأنها صحارى من الرمال المتحركة.

كما أدى هذا الاستهداف إلى "تكسير المجاديف" فلم يعد لدينا القدرة على الإبحار في الأمواج العاتية، وفقدنا القدرة على التحليق في أجواء السياسة الدولية مع هبوب عواصف من ربيع قاحل إلى خريف قاسٍ من شتاء قارس إلى صيف حارق، وبقينا جامدين أسرى لشأن داخلي هدفه فرض آراء وأفكار وإثبات وجود والحفاظ على أمجاد شخصية، ونجوم أفلت وتلاشت، وهذه سنّة الحياة، ولعل أخطر ذلك استيراد أجندات لا تمتّ لمجتمعنا بصلة، فلله الحمد والمنة كانت الكويت ولا تزال رائدة في العمل الإسلامي المخلص لله لا من أجل سلطة أو كرسي للحكم.

تحدث الوزير عن ملف العلاقات الكويتية- العراقية، مؤكداً أنه ليس من المعقول أو المقبول أن تكون تلك العلاقات حبيسة عمل إجرامي قام به مغامر حاقد أدى إلى تدمير العراق والكويت والمنطقة بأسرها، ولكن ذلك يجب ألا يقيدنا بالماضي، فعلينا فتح جميع الملفات العالقة لإيجاد الحلول لها، ولعل الزيارة الرسمية المرتقبة لسمو رئيس مجلس الوزراء إلى بغداد تكون الحجر الذي يحرك المياه في تلك البحيرة الراكدة.

وفي مجال العلاقات الدولية، أشار الوزير إلى وجود توجه لتدعيم العلاقة الكويتية الروسية في ظل عتب روسي بأن الكويت لا تولي تلك العلاقة الاهتمام المطلوب، فلا يزال التعاون الاقتصادي دون المستوى المأمول مع غياب تام لتبادل الزيارات بين البلدين وعلى كل المستويات، إضافة إلى الدور المحوري لروسيا الاتحادية في الأزمة السورية التي في اعتقادي لن يتم أي حل لها إلا من خلال البوابة الروسية.

فمن المؤكد أن أميركا أو الدول الغربية لا ترغب الدخول في صراع مع روسيا التي لن تتخلى بسهولة عن آخر منطقة نفوذ لها بعد أن فقدت الكثير من المناطق كالعراق واليمن وأخيراً ليبيا، لذلك لابد من الحرص على تدعيم هذه العلاقة التي ستمنح الكويت إمكانية أكبر في الحركة.

تحدث الوزير عن العلاقة مع تركيا التي أصبح لها وجود مؤثر في الأحداث بمنطقتنا، كما ثمّن دخول استثمارات القطاع الخاص الكويتي إليها.

وفي سبيل استعادة الكويت لمكانتها الدولية، تم اتخاذ خطوات مهمة تأتي على قمتها الزيارة الكريمة التي قام بها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، إلى المملكة المتحدة بدعوة كريمة من جلالة الملكة المعظمة.

وستشهد المرحلة القادمة زيارات رسمية مهمة من الكويت وإليها على جميع المستويات، ومنها على مستوى وزراء الخارجية حتى لا نكون بعيدين عن الأحداث من حولنا.

استأذنت الوزير بكلمة موجزة مع تقديم الشكر للاستماع إلى حديث لا تنقصه الصراحة ويحمل الكثير من التحدي للواقع ويبشر بمستقبل نتجاوز به السلبيات إلى آفاق بعيدة تتجاوز منطقتنا، فرد بكلمة رائعة بقوله إن لقاءه بزملائه "يهيض شجونه" ليفتح قلبه لتبادل الآراء والأفكار للتخلص من قيود كنا أسرى لها على مدى عقود من السنين، وذلك بالانغماس في الشأن الداخلي.

في نهاية اللقاء تفضل السفير عبدالمحسن الهارون بكلمة عبر فيها عن التمنيات للوزارة والوزير بكل النجاح والتوفيق.

هذا وقد وعدنا الوزير بأن يكون هناك اجتماع شهري لتبادل الآراء على أن يحدد الموعد فيما بعد، وما زلنا في انتظار ذلك، ووعد الحر دينٌ عليه.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top