حرب المئة عام العربية
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
كما قلت، لم تكن تلك شهادة كاتب إسلامي سني، يتصيد على النظام العلوي، المرتدي لباس العلمانية ليغطي هويته الطائفية، ويكسب تعاطف القوميين والليبراليين واليساريين، إنما هي شهادة كاتب غربي في جريدة محسوبة على اليسار، وبالتالي لا يمكن إلا أن نطمئن إلى مصداقية الكاتب الذي خاطر بحياته ليكتب مثل تلك الشهادة المرعبة.ما الثمن الذي يتعين على المدنيين السوريين دفعه في النهاية بحرب لا يبدو أن لها نهاية قريبة، فهي حرب أهلية طائفية، وهي حرب تحرير ضد نظام قمعي موغل بالوحشية، وهي حرب بالوكالة بين إيران وروسيا من جهة، ودول الخليج بدعم محدود من الدول الأوروبية وأميركا من جهة أخرى، وهي فتيل نار مشتعل أخذ يتمدد ليصل إلى العراق، ويقترب بسرعة إلى كل زاوية عربية تضج بالروح الطائفية والقبلية. إدارة الرئيس أوباما الحائرة في ضرب النظام السوري بعد تزايد التقارير عن استخدام النظام للأسلحة الكيماوية مترددة، فهي تخشى صعود الإسلاميين المتطرفين رفاق "القاعدة" إذا ما سقط النظام، وحتى لو وصل إلى الحكم جماعة معتدلة "نسبياً" مثل الإخوان، فأميركا ستتلقى لعنات الليبراليين واليساريين، ولها في مصر مثال قريب، وهناك، أيضا، الخوف الكبير، من تفتت الجسد السوري، وقيام دول الطوائف والقبائل، فليبيا والعراق مثالان حيان على ما ينتظر حدوثه في منطقة لم تشهد حتى الآن خلق الدولة الأمة ككيان موحد مستقل بهويته وتاريخه، ليس هناك أمل لغد قريب مفرح، ويظهر يوماً بعد يوم، أن منطقتنا العربية تمر بحرب المئة عام التي مرت على أوروبا في نهايات القرون الوسطى، ومهدت بالتالي، بعد معاهدة صلح وستفاليا، إلى قيام الدولة الأمة هناك... فلننتظر مئة عام من فوضى الحضارة والدمار والتخلف.