منذ تمويل بنك بيرنجز عملية شراء ولاية لويزيانا لمصلحة توماس جيفرسون عام 1803 لم تعرف المملكة المتحدة شركة يعتمد جانب كبير من حالتها المالية على الوضع في خليج المكسيك مثل برتيش بتروليوم. لكن العملية مع شركة النفط لم تنجح مثل نجاحها مع البنك التجاري المندثر. 

Ad

تثبت شركة برتيش بتروليوم أنها سيئة في تغطية مطلوباتها المالية كما هي في تغطية آبارها النفطية. فبعد ثلاث سنوات من التسرب النفطي في ماكوندو ونزيف مبلغ 33 مليار دولار بعدها، ما زالت هذه الشركة تضخ الأموال عبر ولاية لويزيانا والولايات الساحلية المجاورة لها. وتتدفق الأموال نقداً لجهات مثل الشركات المحلية الصغيرة، ومزارع تربية التماسيح، ومقاولي البناء، وفوق كل ذلك إلى محامي الأضرار المدنية. وبالنسبة لكل هؤلاء أصبحت برتيش بتروليوم منجماً من ذهب. 

تصرفت الشركة مثل المواطن الذي يقوم بواجبه وينوي العمل بنية صادقة على إصلاح الأضرار التي سببها، لكنها أصبحت تشعر بالغضب من التكاليف المتزايدة والإخفاق في استرضاء السلطات الأميركية. وبدأت تهمس خفية بأنها لن توقع على أي اتفاقات جديدة وأنها منذ الآن فصاعداً ستقاوم بضراوة مثلما فعلت شركة إكسون موبيل بعد التسرب النفطي من الناقلة فالديز في ولاية ألاسكا عام 1989. 

هذا كلام جميل جداً، لكن هناك كثير مما تنزعج منه برتيش بتروليوم. فالمخاطر القضائية واحدة فقط من مخاطر يمكن أن تحدث أثناء العمل في مواقع تتوافر فيها احتياطيات نفطية سخية. ويشكل المحامون المختصون بالتعويضات من ذوي البزات البيضاء جزءاً من المشهد في جنوب الولايات المتحدة، مثل المسؤولين الفاسدين في نيجيريا، أو المحاكم الأسيرة لسيطرة حكم القلة في روسيا وكازاخستان. 

وتفاخرت شركة برتيش بتروليوم في أيام مجدها بقوتها التقنية في حفر الآبار في المياه العميقة والظروف القطبية، وبقدرتها على إقامة علاقات مستقرة مع أنظمة حكم فاسدة في أراضٍ تنتشر فيها المستنقعات، مثل لويزيانا. لكن التسرب في خليج المكسيك سخر من كل هذه القدرات. 

كان خليج المكسيك من بين أكثر المواقع المغمورة جاذبية من حيث العمل فيه، على الرغم من مياهه العميقة. وكان العمل فيه طبيعياً إلى حد ما، إضافة إلى جاذبية نظام الضرائب المطبقة عليه. ويقول فاضل غيث، المحلل في شؤون النفط في شركة أوبنهايمر، إن باستطاعة الشركات أن تجني أكثر من 20 دولاراً من كل برميل بعد دفع تكاليف التنقيب والضرائب، وهو أفضل بكثير من العائد المتحقق من العمل في نيجيريا أو ليبيا مثلاً. 

لكن لدى المنطقة جانب سيئ، وهو ما ظهر واضحاً من التسرب النفطي من حقل ماكوندو. ونتجت كارثة شركة إكسون عن حادث مرور سبّب التسرب من ناقلة النفط فالديز، بينما كانت كارثة برتيش بتروليوم كامنة في أعماق الخليج. كما تم بصورة سخيفة تضخيم الكلمات الطنانة التي أدلى بها الرئيس باراك أوباما في وقت مبكر من الحادثة، عندما وصف التسرب بأنه "أسوأ كارثة بيئية واجهتها الولايات المتحدة حتى الآن". وبالرغم من ذلك، كان على برتيش بتروليوم أن تصلح الأضرار وتنفذ التعديلات المكلفة. 

السؤال هو: ما الذي استحوذ على برتيش بتروليوم ودفعها لعقد صفقات فضفاضة مع محامي المدعين، التي يبدو أنها ستتجاوز بسهولة 7.8 مليارات دولار اعتقدت الشركة أنه ستمثل التكلفة المترتبة عليها؟ ورفعت الشركة يوم الاثنين الأحكام الصادرة ضدها إلى محكمة استئناف فدرالية، حيث طلبت في استئنافها وضع حد لمدير الدعاوى، باتريك جونو، وهو محام من لويزيانا، بدأ عمله بجولة في الخليج قال فيها للناس: "إن كنتم في شك من أمر، ارفعوا قضية". 

لقد أساء الكل في الولايات المتحدة لهذه الشركة بسبب الأخطاء التي ارتكبتها، ابتداءً من الرئيس الأميركي إلى محامي التعويضات في مدينة تامبا. 

(جون جابر - فاينانشال تايمز)