أعطت الرئاسة المصرية الضوء الأخضر للقوات الأمنية لبدء عمليات واسعة في سيناء، لاستعادة هيبة النظام المصري، بعد أربعة أيام من اختطاف جنود من الشرطة المدنية والجيش، على يد مسلحين، رغم دعوة الرئيس القوى الوطنية لحوار للخروج من الأزمة.

Ad

حاولت مؤسسة الرئاسة المصرية أمس احتواء غضب المؤسسة العسكرية المصرية، بعد أيام من اختطاف 7 جنود في سيناء، وقالت مصادر مطلعة إن الأجهزة الأمنية حصلت على الضوء الأخضر لتنفيذ عملية لتحرير الرهائن، لا ترتبط بالإفراج عن الجنود المختطفين فقط، بل تهدف لمواجهة خطورة الأوضاع في شبه الجزيرة المصرية، التي تشهد انفلاتا أمنيا غير مسبوق، منذ ثورة يناير 2011.

من جهته، نفى مصدر مطلع أمس وجود مفاوضات مع خاطفي المجندين السبعة في سيناء، لافتا إلى محاولات أمنية لتحديد الخاطفين ومواقع تمركزهم، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية تعكف حاليا على وضع المخططات والمعلومات، التي تتيح تحركا مباغتا للبؤر المستهدفة، وقال مراسل "الجريدة" في رفح إن 16 عربة دفع رباعي، مجهزة بمضادات للدروع، تابعة للجيش وصلت إلى رفح الحدودية أمس.

وكشف شهود عيان لـ"الجريدة" تحليق طائرة مروحية عسكرية، تابعة لقوات حفظ السلام، فوق مدينتي الشيخ زويد ورفح، وهي المرة الأولى التي تشاهد فيها منذ أشهر، ما اعتبروه خطوة أولية لإجراء عملية أمنية لتحرير الجنود، مع ترجيح مصادر احتمال استخدام الطائرات.

تراجع الرئاسة

سياسيا، حاولت مؤسسة الرئاسة الخروج من مأزق المسؤولية السياسية، عندما دعت أمس مختلف القوى السياسية إلى حوار وطني موسع مع الرئيس محمد مرسي، لبحث الخروج من أزمة الجنود المختطفين، إلا أن الأحزاب المدنية، وعلى رأسها جبهة الإنقاذ الوطني، اعتذرت عن جلسة الحوار، ما لخصه القيادي بالجبهة محمد أبوالغار قائلاً لـ"الجريدة": "الاعتذار بناء على غياب الشفافية من قبل مؤسسة الرئاسة، فضلا عن المنهج الانتقائي في التواصل مع المعارضة".

وجاء التراجع الواضح للرئاسة بعد اجتماع مرسي أمس الأول، في قصر الاتحادية الرئاسي، مع وزيري الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي، والداخلية اللواء محمد إبراهيم، ورئيس المخابرات العامة اللواء رأفت شحاتة، حيث تناول اللقاء تطورات الوضع الأمني في سيناء وجهود الإفراج عن الجنود المختطفين، من خلال اتخاذ إجراءات لحماية أرواح الجنود. وأصدرت الرئاسة، عقب الاجتماع، بيانا نفت فيه تباين المواقف بين الرئاسة والجيش، مؤكدة أن جميع الخيارات مطروحة للإفراج عن الجنود، ولا نية للتفاوض، ما يعكس تراجع مؤسسة الرئاسة، أمام موقف المؤسسة العسكرية الصارم، ما عبر عنه المتحدث الرسمي باسم الرئاسة عمر عامر قائلا: "لا تفاوض ولا مساومة مع مجرمين قاموا بعملية إجرامية"، ما عده مراقبون ضوءا أخضر للمؤسسة العسكرية للتعامل بحرية في سيناء.

وبينما نفى محافظ شمال سيناء اللواء عبدالفتاح حرحور، في مؤتمر صحافي، ما تردد حول خلاف وقع بين الجيش والرئاسة، وصلت قيادات بمديرية أمن شمال سيناء إلى معبر رفح، وسحبوا السلاح من الجنود وأمناء الشرطة الغاضبين، الذين أغلقوا المعبر، لليوم الثالث على التوالي، احتجاجا على اختطاف زملائهم، خاصة بعد إعلان رجال الشرطة إغلاق نقطة عبور "العوجة" التجارية على الحدود مع إسرائيل، تضامنا مع رفاقهم في معبر رفح.

وفي حين أكد الخبير العسكري اللواء عادل سليمان أن خطف الجنود في سيناء فخ منصوب لتوريط الجيش في صدام مع الشعب، شدد الخبير الاستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل على أن حالة من الغضب المكتوم انتشرت بين صفوف الجيش، قائلا لـ"الجريدة": "الجيش الثاني الميداني أخذ بالفعل تعليمات من القيادة العامة للقوات المسلحة، لتحريك بعض قواته ووحداته إلى شمال سيناء لتحرير المخطوفين"، لكنه لم يحدد موعداً لبدء العملية.

مؤتمر القضاة    

سياسيا تتلقى الرئاسة المصرية ضربة جديدة من قبل القضاة، حيث تشهد القاهرة اليوم فصلا جديدا في الأزمة بين القضاء والرئاسة، مع تدشين نادي قضاة مصر المؤتمر الدولي "لحماية استقلال القضاء المصري"، بمشاركة رئيس الاتحاد الدولي للقضاة جيرارد رايسنر، لمناقشة الاعتداءات المتكررة على السلطة القضائية، منذ تولي الرئيس مرسي السلطة، مطلع يوليو 2012، وسط مخاوف من إقحام إصرار الرئاسة على تمرير قانون يسمح بالإطاحة بأكثر من 3500 قاض بعد تخفيض سن المعاش لهم.

وقال مصدر قضائي لـ"الجريدة" إن من سيحضر المؤتمر العالمي هم رؤساء دوائر الجنايات والاستئناف في مصر، الذين وجهت لهم الدعوة من قبل نادي القضاة، إضافة إلى نواب من محكمة النقض، وأعضاء النيابة العامة، وأشار رئيس استئناف القاهرة المستشار يسري عبدالكريم إلى أن اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية لعرض أزمة القضاء غير مطروح حاليا، لكنهم سيلجأون إليه في حال تعنت النظام. في السياق، وافقت الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا أمس على تعيين النائب الأول لرئيس المحكمة المستشار عدلي منصور رئيسا لها، خلفاً للرئيس الحالي المستشار ماهر البحيري، الذي تنتهي رئاسته 30 يونيو المقبل.

ميدانيا، شهدت القاهرة أمس عدة مسيرات فئوية لعمال في المصانع المصرية، وأعلن تكتل القوى الثورية، في مؤتمر صحافي أمس، الاستعدادات للنزول في تظاهرات 30 يونيو المقبل، في الذكرى الأولى لتولي مرسي الحكم، على أن تبدأ الفعاليات باعتصام القوى الثورية في ميدان التحرير، الجمعة 28 يونيو المقبل، استعدادا لمسيرات "الزحف إلى الاتحادية"، 30 الشهر المقبل، للمطالبة بإسقاط النظام، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.