بعد مشاهدتي لمقطع القتل على اليوتيوب الذي نفذته "القاعدة" أو ما يسمى دولة العراق والشام بمجموعة من سائقي الشاحنات الأبرياء، بعد استيقافهم وتوجيه بعض الأسئلة عن مذهبهم وكيفية تأدية الشهادة وعدد ركعات صلاة الفجر، ولما كانت الإجابات لا ترضي أمير الجماعة الذي حكم عليهم بالقتل، والتهمة انتماؤهم للمذهب النصيري. في هذه اللحظة لم أتمالك نفسي من لعن هذه الفئة الضالة، ولعن من أفتى لهم ومن جهزهم بالمال والعتاد، وفي هذه اللحظة تبعثرت الكلمات، وصدقوني إذا قلت لكم إني قد أعدت كتابة مقالي لرابع مرة لهول هذا المقطع الذي يشوه صورة الإسلام دين الرسول الكريم ودين السماحة.

Ad

الإرهاب كلمة تطلق على كل من يمارس العنف الجسدي أو النفسي على الآخرين، وعادة ما تكون مرجعيته مصدرها المعتقدات الدينية أو العرقية أو الاجتماعية، كما أنه لم يكن يوماً يخص مجتمعاً بعينه، ولكن في السنوات الأخيرة ومنذ أحداث نيويورك أصبحت ماركة مسجلة للمجتمعات الإسلامية والعربية.

صورة الإسلام شوهت على أيدي أولئك المتعصبين أولاد الخوارج ممن عاثوا في الأرض الفساد، انتهكوا الحرمات ومثلوا بالجثث ونحروا الرقاب على أصوات التكبير والتهليل، يحملون راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله" والله ورسوله منهم براء.      

هذا الفكر المتطرف وللأسف الشديد هناك من يؤازره وينجرف وراءه دون فهم لقيم الدين الإسلامي العظيم، ففي الأمس كنا نستنكر على المسيح والبوذيين والسيخ ذبحهم للمسلمين في بورما والبوسنة، واليوم الفاعل والمفعول والداعم من المسلمين ولا عزاء للأبرياء العزل.

العمليات الانتحارية طالت دور العبادة، حيث هدمت المساجد والحسينيات والكنائس، والقبور نبشت، والأحياء السكنية والأسواق الشعبية فجرت، ويريدون منا أن نصمت عن جرائمهم صمت القبور!

اختلط الحابل بالنابل حتى صار ثوار الربيع أشرس وأكثر ضراوة من الوحوش، فظلمهم تعدى ظلم الأنظمة العربية القمعية، وحجتهم في القتل أوهن من بيت العنكبوت، قاتلهم الله أنى يؤفكون.

فكرة إسقاط النظم الحاكمة على قرار الثورة الفرنسية مرفوضة، فما هكذا تورد الإبل، فالإسلام لم يقم على السيف لكنه قام على الفضيلة والدعوة الحسنة التي غابت عن عقول تتار العصر وخوارج الأمة من المسلمين.  

بطبيعة الحال حرية التعاطف مع أحد أطراف النزاع لا خلاف عليه بشرط ألا نكون طرفاً بالدم، ومن هنا على الحكومة أن تكون حازمة تجاه من يجيش أو يجهز أحد أطراف النزاع أو يدعو الشباب لجهاد.

هناك من يريد الخلافة الإسلامية ونقول له بالفم المليان أهلاً بها إن كانت خلافة رسول الله، أما خلافة الدولة الأموية والعباسية والعثمانية فلا أهلاً ولا سهلاً، فالتاريخ سجل في أيامهم أسوأ درجات البطش والإرهاب.

اليوم على الحكومة تدارك الوضع بوقف كل نشاط يفت اللُّحمة الوطنية، وليأخذوا نموذج الاتحاد الأوروبي كيف تغلب على أحقاد الماضي ومآسي الحربين العالميتين الأولى والثانية، وكيف تجاوز الاختلافات العرقية والإثنية واختلاف اللغات، فعمل على مبدأ احترام حقوق الإنسان وتطبيق القانون حتى وصل إلى ما وصل إليه.

الكويت تظل شغلنا الشاغل، والخوف عليها يزداد يوماً بعد يوم، فظروف المنطقة ترمي بكل ثقلها عليها، وأبناؤها دسوا أنوفهم في كل الأحداث.   

اللهم احفظ الكويت وشعبها من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأذكِّر أهلها بقول الإمام علي، رضي الله عنه: كن في الفتنة "كابن اللبون لا ظهر فيُركب، ولا ضرع فيُحلب".

ودمتم سالمين.