يبدو أننا تجاوزنا مرحلة السؤال هل ديرتنا ديرة بطيخ؟ وعوضاً عن ذلك يجب أن نسطر شواهد البطيخ حتى لا نتجنى على بلدنا أو نشوّه سمعته، ونكتفي بالفضائح التي تلاحقنا يمنة ويسرة.

Ad

وقصة البطيخ هذه المرة ليست مثالاً أو إسقاطاً سياسياً لكنها حقيقة مؤلمة ومقرفة، حيث حكم على فتى من البدون بالحبس لمدة شهر لأنه باع بطيخاً خلافاً للقانون!

منكم لله يا ظلمة! من يسعى إلى الرزق الحلال ويكدّ على شريحة مستضعفة، وقد سدت أمامه كل السبل يسجن؟ يبدو أن المرضى والمعقدين من البدون الحقيقيين "بدون الضمير وبدون الشهامة" لم يكفهم أن يستعبدوا شباب وبنات غير محددي الجنسية و"يكرفونهم كرفاً" مقابل مئة دينار في الشهر، بل يعتبروهم مجرمين إذا ما سعوا إلى تأمين رزقهم بعرق جبينهم، فـ"يجرجرونهم" إلى التحقيق والمحاكمة.

ومقابل قصة البطيخ أذكر لكم رواية غريبة نقلاً عن أحد المعنيين مباشرة بموضوع أشعل البلد وفاحت منه أنتن رائحة في تاريخ الكويت السياسي، وسميت بالإيداعات المليونية، وخلاصة القصة على ذمة هذا الراوي، أن أحد كبار المسؤولين كان يوزع كراتين موز بعد أن يقوم بعض الناس بزيارته، بل يذكرهم عند المغادرة "لا تنسى كرتون الموز توه واصل فريش"، أما السر الدفين فيكمن في أن كرتون الموز لا يحتوي على موز بل على رزم من الأنواط الورقية!

هذه هي المفارقة التي تتفجر غضباً، فصاحب البطيخ يسجن ويدان لأن الدليل موجود والمحاكم تأخذ به، أما صاحب الموز فيصل إلى أعلى المناصب، والمحاكم لا تدينه لعدم توافر الأدلة، فالموز غير موجود أصلاً في الكرتون!

وبناءً عليه، ننصح أبناء البدون بالابتعاد عن البطيخ لأن ديرة البطيخ ليس لها وفاء للبطيخ، إنما ولاؤها تحول للموز، فبائع البطيخ أساساً متهم بأنه مزور والأخ صالح الفضالة يملك الأدلة والبراهين على تزويرهم، ولكنه بالتأكيد لا يجرؤ على تقديمهم للنيابة لسبب واحد فقط، وهو أن البطيخ في هذه الحالة فقط ليس بطيخاً لكنه نفس قصة كرتون الموز الذي لا يحمل موزاً أصلاً!