بقي التوتر على أشده في الولايات المتحدة مع استمرار إغلاق جميع نشاطات الحكومة الفدرالية لليوم الرابع على التوالي بسبب عدم إقرار ميزانية العام الجديد في أسوأ أزمة تمر بها البلاد منذ 17 عاماً.

Ad

زاد فشل الاجتماع المهم بين الإدارة الأميركية وكبار مسؤولي الكونغرس في التوصل إلى اتفاق ينهي أزمة الموازنة، أزمة الحكومة الفدرالية، المشلولة جميع إدارتها منذ أربعة أيام، غموضاً خصوصاً بعد تحذيرات الرئيس باراك أوباما من كارثة تخلف البلاد عن سداد مديونياتها.

وعلى مدى ساعة التقى أوباما في البيت الأبيض مساء أمس الأول رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر وزعيمة الأقلية نانسي بيلوسي بحضور زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ هاري ريد وزعيم الأقلية ميتش ماكونيل، غير أن المحادثات لم تحقق أي اختراق في الوقت الذي يقضي فيه مئات آلاف الموظفين في الإدارات الفدرالية إجازة إجبارية غير مدفوعة الأجر، إضافة إلى إغلاق المتاحف والمنتزهات العامة، وذلك بموجب قرار التعطيل الجزئي لإدارات الحكومة بسبب عدم إقرار الميزانية الفدرالية.

ولا يزال المحافظون الجمهوريون يصرون على مطلبهم بإلغاء أو تعديل قانون «أوباما كير» للتأمين الصحي مقابل الموافقة على ميزانية السنة المالية الجديدة التي بدأت الثلاثاء. ولكن الرئيس يرفض أي مساس بقانون الإصلاح الصحي الذي عمل جاهداً لإقراره.

 

التفاوض

 

وإثر اللقاء قال باينر إن «الرئيس كرر مرة جديدة القول إنه لا يريد التفاوض». وأكد البيت الأبيض بعد هذا الاجتماع، الذي استمر نحو ساعة ونصف، أن أوباما «قال بوضوح إنه لن يتفاوض حول ضرورة تحرك الكونغرس من أجل إعادة فتح الحكومة أو لزيادة سقف الدين بهدف دفع المستحقات التي راكمها الكونغرس».

وأكد الرئيس أن «مجلس النواب (ذا الغالبية الجمهورية) يمكن أن يتحرك اعتبارا من اليوم لإعادة فتح الحكومة وإنهاء الأضرار التي يسببها هذا الشلل للاقتصاد والعائلات في كل أنحاء البلاد»، مضيفا أن أوباما لا يزال «متفائلاً إزاء أن المنطق سيسود».

وأغلقت الإدارات الفدرالية الأميركية جزئياً منذ صباح الثلاثاء بسبب عدم التوصل إلى اتفاق في الكونغرس حول الموازنة. ويرفض الجمهوريون المعارضون لإصلاح الضمان الصحي الذي أقره أوباما، التصويت على موازنة لا تلغي هذا التمويل. وقد هددوا أيضاً بربط هذه المسألة بقضية رفع سقف الدين وهو أمر ضروري بحسب وزارة الخزانة قبل 17 أكتوبر. وإذا لم يعط الكونغرس موافقته، قد تجد الولايات المتحدة نفسها متخلفة عن الدفع اعتبارا من ذلك التاريخ، وهو وضع غير مسبوق.

وعند خروجه من البيت الأبيض، استبعد زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد أيضاً التنازل في قضية إصلاح الضمان الصحي، وحث الجمهوريين على اعتماد قانون موازنة لمدة بضعة أسابيع من أجل إفساح المجال أمام التوصل إلى اتفاق أوسع نطاقاً في وقت لاحق.

 

«وول ستريت»

 

وقبل ذلك أعرب الرئيس الأميركي عن سخطه من أزمة الميزانية مع الكونغرس وذلك في مقابلة بثتها محطة التلفزيون «سي إن بي سي». وقال: «بالتأكيد، أنا غاضب لأن هذه الأزمة غير ضرورية على الإطلاق»، مكرراً أنه لن يتفاوض مع خصومه الجمهوريين على رفع سقف الدين وهو أمر ضروري بالنسبة لوزارة الخزانة قبل 17 أكتوبر.

وأوضح أوباما، الذي التقى أمس الأول أيضاً مسؤولين من أكبر المصارف الأميركية في البيت الابيض، أن «وول ستريت هذه المرة يجب أن تكون قلقة» من الشلل الحالي وخصوصا في مسألة الدين. وقال أوباما أيضاً «عندما يكون هناك وضع فيه طرف مستعد لعرقلة مستحقات الولايات المتحدة (تجاه الدائنين) فعندها نكون في مشكلة».

وعبر عن استيائه من فكرة «إنه إذا لم أقل لعشرين مليون شخص انه ليس بإمكانهم الحصول على الضمان الصحي فإن الدولة ستبقى مشلولة» بسبب الجمهوريين، واصفاً هذا الموقف بأنه «غير مسؤول». وأضاف: «إذا اعتدنا أن نسمح لحزب أن يعمد إلى الابتزاز فعندها لن يكون بإمكان أي رئيس يأتي من بعدي أن يحكم بشكل فعال».

وعبر رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي أمس الأول عن قلقه، معتبراً أن هذا الشلل في الإدارات يطرح «إذا طال أمده مخاطر على الولايات المتحدة والعالم».

 

عواقب الأزمة

 

وفيما يبدو أن شلل الإدارات سيستمر فترة طويلة، سجلت البورصات الأميركية تراجعاً، حيث خسر مؤشر داو جونز عند الإغلاق 0.39 في المئة، في حين تراجعت الأسواق الأوروبية والآسيوية أيضاً. وخسرت بورصة طوكيو أيضا 2.17 في المئة أمس الأول.

وخلفت الأزمة عواقب أيضاً على برنامج عمل أوباما الذي ألغى أمس الأول زيارة كانت مرتقبة في 11 أكتوبر إلى ماليزيا وأخرى إلى الفلبين. ولا يزال الشك يحيط بإمكانية حضوره قمتين دوليتين.

وأصبح نحو 800 ألف موظف أميركي في الإدارات العامة اعتبروا غير أساسيين من أصل أكثر من مليونين، في عطلة غير مدفوعة، بينما خفضت كل الإدارات عدد موظفيها إلى الحد الأدنى الضروري، وهي سابقة في الولايات المتحدة منذ عام 1996. وبات حتى البيت الأبيض يعمل بـ25 في المئة من موظفيه. لكن تم استثناء الأمن القومي والخدمات الأساسية مثل العمليات العسكرية والمراقبة الجوية والسجون.

(واشنطن - أ ف ب،

رويترز، يو بي آي)