الحديث مع أي شخص مؤيد للانقلاب حديث كوميدي يفترض أن يدفعك إلى الابتسام لكنه للأسف يدمع العين ويثير الأسى والحزن على مستقبل مصر، فمؤيدو الانقلاب لا يتحاورون ولا يتناقشون ولكنهم يرددون عبارات محفوظة ومفردات مكررة بعيداً عما هو سؤالك أو نقطة حوارك، فهم أشبه بمن تسأله: اسمك إيه؟ فيجيبك النهاردة السبت!!

Ad

إن سألت أحدهم: هل توافق على القتل والحرق أثناء فض اعتصامي رابعة والنهضة؟ يجيبك من الضروري القضاء على الإرهاب في سيناء، وإن سألته: هل كنت تقبل أن يقتل مرسي أخاك أو يعتقل أباك أثناء فترة حكمه؟ يجيبك طول عمرنا مسلمين هم يعني اللي هيعلمونا الإسلام، وإن سألته: هل يعجبك الوضع الآن بعد حوالي 3 أشهر من الانقلاب؟ تكون إجابته: إن مرسي لم يف بوعوده، وإن امتلكت الشجاعة: كيف يمكنك الوثوق بقائد للانقلاب كذبه من استشهد بهم؟ ستكون المفاجأة في رده: يجب الالتزام بخارطة الطريق!!

بالله عليكم أي حوار أو نقاش يمكن أن يدور مع مؤيد للانقلاب هذا فهمه ورؤيته للأحداث؟ وهذا لا ينطبق فقط على المواطنين البسطاء المخدوعين بأنشودة "الإخوان الارهابيين" في الشارع المصري، لكنه أيضا يحدث مع محللين وفقهاء من منظري الانقلاب وفلاسفته على الفضائيات... ذات الفكر والأسلوب، الاختلاف فقط في بعض الألفاظ والمفردات، فهم لا يناقشون ما يحدث ولا يتحاورون حول ما يدور الآن، أو بالأدق لا يجرؤون على مناقشته أو الحديث حوله، فأوامر الاعتقال موقعة، والمنع جاهز، والاتهامات في الدفاتر (البرادعي- حمزاوي)، وكما يعلم الجميع فهناك منشور للوزارات والهيئات الحكومية بمنع العاملين من الحديث في السياسة.

 صحيح أن هذا نص قديم في قانون العاملين منذ سنوات طويلة لكن السؤال ما الحكمة من تفعيله الآن؟ وكيف يتم تفعيله؟ فلقد أصبح هذا النص سيفاً مصلتاً على رقاب العاملين يستغله البعض للوشاية والكيدية وسلطة بيد المدير يعاقب بها من يشاء، فيكفي أن يرفع تقريرا يكتب فيه أن فلانا يتحدث في السياسة أو يتكلم مناهضا للانقلاب ومؤيداً للإخوان ليتم التحقيق معه، وسواء انتهى التحقيق إلى شيء أو لا شيء، فقد أصبحت هناك نقطة سوداء في ملفه تؤثر في حركته الوظيفية.

هل هذا ما كان يحلم به المصريون في يناير 2011 أم ما فرضه الانقلابيون في يوليو 2013؟

***

في الستينيات من القرن الماضي كانت هناك "بقالة" في شارعنا يملكها شيخ كبير حاضر الدعابة قريب إلى قلوبنا، ونحن أطفال نتحاور معه. إذا سألناه عندك "جبنة" يجيبنا "حلاوة بس"... رحمك الله يا أبا سليمان، لا أدري لو أمد الله عمرك لأصبحت أحد فلاسفة الانقلاب وربما قائده... وإلى مقال آخر إن كان للحرية متسع.