وثيقة لها تاريخ: بن فهاد والبريهي يتعرضان لإطلاق النار ونهب «بعارينهما» عام 1934م
في فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، وقعت أحداث عديدة لبعض الكويتيين من الحضر الذين يعملون في البحر، أو من البدو الرحل الذين كانوا يرتحلون من مكان إلى آخر سعياً وراء الرزق، أو بحثاً عن المراعي الخصبة لجِمالهم وأغنامهم.وقد وقعت بين يدي مجموعة من الوثائق التي تعود إلى تلك الفترة وتوثق هذه الأحداث، التي كانت تتركز حول التعديات العراقية على الحدود الكويتية والتعرض لأبناء الكويت بالأذى.
وهنا أود أن أؤكد أن هدفي من عرض هذه الوثائق هو التوثيق التاريخي لا تشويه صورة العراق الشقيق، فهذه الوثائق لا يجب إخفاؤها في الملفات والأدراج، بل ينبغي لها أن ترى النور حتى لا نهمل أي شيء من تاريخنا.وثيقتنا اليوم كتبها الشيخ أحمد الجابر الصباح أمير الكويت الراحل، خاطب فيها المعتمد البريطاني في الكويت، وذلك في عام 1934م، وذكر أن اثنين من رعايا الكويت تعرضا لهجوم مسلح من مجموعة من الشرطة العراقية، حيث أصابت أحدهما واقتادت الآخر إلى السجن بالبصرة، وقاموا بتعذيب المأسور لإجباره على الكذب عند التحقيق معه في مركز الشرطة، حتى لا تعاقبهم إدارة الشرطة على فعلتهم.وطلب الشيخ أحمد من المعتمد البريطاني أن يتدخل في الموضوع وأن يعيد الحق إلى أصحابه، خصوصاً أن المصاب قد توفي وأن الجمال (البعارين) المملوكة للكويتيين قد بيعت في البصرة. وإليكم نص رسالة الشيخ أحمد الجابر:"حضرة حميد الشيم عالي الجاه الأفخم المحب العزيز ا ربي واتس الوكيل السياسي للدولة البهية القيصرية الإنكليزية بالكويت دام محروساً،،، بعد السلام والسؤال عن خاطركم دمتم بخير وسرور... نفيد سعادتكم أن ناصر بن فهاد ومرشد البريهي من عرب الكويت جايين من عرب الكويت الذين على..... قاصدين الجهرة، معهم ستة بعارين وسلاحهم، فلما وصلوا بحار سنام في يوم 4 الجاري صادفوهم سيارتين فيهم شرطة، وبدون إنذار أطلقوا عليهم الرصاص، وطاح ناصر صويب، وقبضوا عليهم، وودوا المصوب الى المستشفى بالبصرة والثاني سلموه للسجن، وبعارينهم ستة باعوهم بالزبير. وعمل فيهم الشرطة عمل وحشي حيث اطلقوا عليهم الرصاص بدون سبب، وهم رعّاية مقبلين على بعارين خالية. ثم لما طاح ناصر صويب وقبضوا على خويّه مرشد، أخذوا يجلدونه من غير رأفة قصدهم يقول نحن رامين، حتى يتخلصون من هذه الجناية المؤلمة. وبعد الضرب الشديد أوعدهم ان يقول ما أرادوه منه. فلما وصلوا به لمرجع التحقيق بيّن الواقع وما جرى عليهم من عمل الشرطة وما كبدوه (كابدوه) من العذاب حتى يقول نحن رامين. وهذه مسألة مكدرة ولا هو من طريق الإنصاف ان ناس رعّاية قادمين من عربهم ماشين في طريقه، م يعاملونهم رجال حكومة مجاورة شقيقة في هالمعاملة الوحشية التي ما تصورناها. فقد جاء خبر الآن ان المصوب مات في المستشفى وجانا أخوه وأقاربه يشتكون على قضية الميت وبعارينه المبتاعة بالزبير. بناء عليه نرجوكم ان ترفعون هذه القضية للمراجع الايجابية لأجل الوقوف على الحقيقة......... بحق الجانين واسترجاع البعارين المنهوبة، هذا والباري يحفظكم. في 24 ربيع الثاني 1353هـ موافق 6 اوكست 1934م".ويبدو أن الوكيل السياسي البريطاني رد على كتاب الشيخ أحمد بتاريخ 3 ربيع الثاني بعد أن تسلم رداً من البصرة، وسأله عن احتمال أن يكون الكويتيان ناصر بن فهاد ومرشد البريهي من المهربين المخالفين للقانون، فرد عليه الشيخ أحمد فوراً في نفس اليوم نافياً أن يكون ناصر ومرشد من المهربين، وإليكم نص الرسالة:"جوابا لمكتوبكم رقم 234 سي المؤرخ 3 الجاري يسرني أن أؤكد لسعادتكم ان العرابيين الكويتيين الذين قبضت عليهما شرطة الحكومة العراقية في بحار سنام: ناصر بن فهاد الكحطاني (القحطاني) من رعايا الكويت من مدة خمسة وعشرين سنة هو وأبيه وأهله قاطنين مع خدامنا الفداوية، ومرشد البريهي برزاني من مدة خمسة وثلاثين سنة قاطن مع عرب الكويت هو وأبيه وأهله وجماعته بالكويت،ولا يوجد عليهما بينة أنهما مهربين لا من قبل ولا في حين مصادفة الشرطة لهما، يكون معلوم سعادتكم، هذا والباري يحفظكم. في 3 جماد أول 1353هـ موافق 14 اوكست (اغسطس) 1934م".ويؤسفني أنني لم أعثر على باقي المراسلات التي تتعلق بهذه القضية، ولا يمكنني أن أعرف ماذا حصل بعد ذلك، ولكنني سأعرض في الأسبوع المقبل قضية أخرى مشابهة لهذه القضية إن شاء الله.