طلال الجردي: المنافسة الدرامية العربية شرسة هذا العام
طلال الجردي ممثل لامع في المسرح والدراما والسينما في لبنان، يطل للمرة الأولى عربيًا في مسلسلي «لعبة الموت» و{سنعود بعد قليل» عبر دورين مختلفين، ويعتبر أن المشاركة في الإنتاجين المصري والسوري فرصة لكشف الممثلين اللبنانيين عن طاقاتهم المهنية وتعريف الجمهور العربي إليهم...
عن مشاركته العربية ونظرته إلى الواقع الدرامي تحدث إلى «الجريدة».
عن مشاركته العربية ونظرته إلى الواقع الدرامي تحدث إلى «الجريدة».
كيف تقيّم توقيت انتقالك من الدراما اللبنانية إلى العربية المشتركة؟
لم تكن مشاركتي بناء على سعي خاص على رغم أهميتها بالنسبة إليّ، إنما أدت الظروف الأمنية في سورية ومصر إلى إنتاج أعمال عربية مشتركة، فحالفنا الحظّ زملائي الممثلين اللبنانيين وأنا في المشاركة في {سنعود بعد قليل} و{لعبة الموت}. أتمنى أن يكون توقيت هذه المشاركة مناسبًا وممهدًا لأعمال أخرى.يختلف الدوران شكلا ومضمونًا، فأي منهما منحك مساحة أكبر للإطلالة عربيًا؟لا يمكنني المقارنة بينهما، لأنني أولي كل دور أهمية خاصة، سواء كان محليًا أو عربيًا. بما أن العملين يعرضان في الموسم نفسه، فقد غيّرت شكلي الخارجي على رغم أن الشخصيتين في الأساس مختلفتان، لأطل بأسلوب مغاير وليس بشخصية مختلفة فحسب، ويتعرف الجمهور العربي إلى طاقتي التمثيلية المتنوعة، خصوصًا أنه لم يكن يعرفني سابقًا، عسى أن يمهّد هذا الأمر لمشاركة عربية أكبر.كيف تقيّم العلاقة مع الليث حجو مخرج المسلسلين؟أود شكره كونه الأساس في مشاركتي في الدراما الرمضانية، فهو طلبني شخصيًا لهذين الدورين.أيهما أقوى هذا العام: الدراما السورية أم المصرية؟لاحظت أن المصريين تقدموا خطوة كبيرة هذا العام واهتموا بالصورة والملابس والديكور وأداء الممثلين.ما الذي ينقص الإنتاج اللبناني لينافسهما؟يجب أن نتخلص من {النكايات} والمافيات الدرامية والمحسوبيات لأنها تحدّ من تطورنا، فلو كان العرب يقيسون الأمور كما اللبنانيين، لما حظينا نحن بفرصة المشاركة عربيًا، ولكانوا اكتفوا ببضعة ممثلين من بلادهم ينقلونهم من مسلسل إلى آخر، من دون الإفساح في المجال أمام ممثلين آخرين للمشاركة.يفكر المنتجون العرب بالصناعة الدرامية ويفعّلون دور الكاستينغ لوضع الممثل المناسب في الدور المناسب، عكس اللبنانيين الذين يشغّلون ممثلين معينين في أعمالهم كافة حتى لو أدى هؤلاء أدوارًا لا تليق بهم، لا يهمّ ما داموا يعملون سويًا.هل لهذه الأسباب غبت عن الشاشة بعد مسلسل “مثل الكذب”؟آخر أعمالي التلفزيونية مسلسلان من إنتاجي الخاص (فيا ميديا) لأن منتجي الدراما اللبنانية يوفرون فرص عمل لجماعتهم، فهل المطلوب أن أقف عند أبوابهم لأحصل على دور!؟ فضلاً عن أنني أقرأ الدور المعروض عليّ أولاً لأرى ما إذا كان يناسبني، من ثم اطلع على آلية التنفيذ قبل الموافقة على العمل، أما بالنسبة إلى أجري، فأطلب ما أستحق ولا أطمع بالكثير، إنما يجب أن تتوافر تقنيات مناسبة، على الأقلّ، لا أن تتوزع الأدوار على أهواء المنتج.نلاحظ أن غالبية الممثلين اللبنانيين الذين يشاركون في الأعمال العربية غائبون عن الشاشة المحلية.هم مغيبون وليسوا غائبين لأن منتجي الدراما اللبنانية يشّغلون فريقهم الخاص من الممثلين في أعمالهم، لذا أشكر الأشقاء السوريين والمصريين الذين قدموا فرصًا لهذا الكم الهائل من الممثلين اللبنانيين، ولأنهم اكتشفوا أننا نملك طاقات رائعة وجيدة تستأهل مثل هذه الفرص.{سنعود بعد قليل} دخل إلى تفاصيل الواقع السوري وحياتنا اليومية فيما {لعبة الموت} قصة شمولية أكثر، أي منهما حظي بنسبة جماهرية أكبر؟لاحظت لغاية الآن أن مسلسل {لعبة الموت} تفوّق، وذلك وفق ما لمست في الشارع.ما السبب؟ثمة عوامل كثيرة برأيي، ربما قصته التي تعالج العلاقة بين الرجل والمرأة بتشويق، أو لابتعاده عن الجو المشحون الذي نراه يوميًا في الأخبار ونتحدث عنه في مجالسنا الخاصة، أو لصورته الجميلة وطريقة تنفيذه المهنية، إنما العامل الأهم برأيي الذي أدى إلى كسبه هذه الجماهرية الواسعة فهو وجود الممثلة سيرين عبد النور فيه.ما أهمية التكامل الذي رأيناه في المسلسل بين أغنية المقدمة من تأليف مروان خوري وألحانه وغنائه، مرورًا بطريقة التنفيذ وصولا إلى التسويق؟يتطلب أي عمل درامي تكاملا بين عناصره كافة، ولمست في غالبية الأعمال الرمضانية هذا العام أن ثمة اهتمامًا مبالغًا بالتفاصيل الدقيقة، بدءًا من المقدمة الموسيقية وصولاً إلى التنفيذ، وهذا يدلّ على المنافسة الشرسة بين الأعمال العربية.هل نحن من ضمن هذه المنافسة؟منذ أكثر من عشر سنوات وأنا أشتكي من الواقع الدرامي اللبناني. لا يصغي أحد إلى هواجسنا. للأسف، يريد {ديكتاتوريو} الدراما اللبنانية السيطرة على الساحة الإنتاجية الدرامية، وعلى رغم الربيع العربي والثورة على الديكتاتوريات، فإن اللبنانيين يعيشون نوعًا آخر من الديكتاتورية ولا نعرف متى تنتهي.انتجت شركة {فيا ميديا} أعمالاً سينمائية ودرامية، فما مصيرها؟من الصعب استمرارها في ظل هذا الواقع، خصوصًا أننا تكبّدنا خسائر مادية بعد العمل الأخير الذي قدمناه. ليس سهلا إنتاج الدراما بطريقة لائقة ومحترمة وإعطاء الممثلين ما يستحقون ماديًا، لأن سوقنا ضيّق وقلة تشتري الأعمال اللبنانية، مع ذلك لا يمكننا تقديم دراما أقل مستوى مما هو مطروح في السوق، فضلا عن عدم شراء شاشاتنا اللبنانية لأعمالنا مثلما تشتري ممن يحتكرون السوق... لذلك أتمنى أن يضاعف هؤلاء الجهود لتنطلق الدراما كما يجب. أوليت أهمية للسينما والمسرح، هل هما أهم من الدراما التلفزيونية بالنسبة إليك؟أهوى المسرح أكثر من السينما والتلفزيون، وإذا خيّرت بينها لاخترته وحده لكن وضع البلد لا يسمح بتطوّر حركته والتفرغ له. المسرح يستفزني وهو دافعي للدخول إلى عالم الفن لأنه ورشة بحد ذاتها، وعملية إعداد وتحضير وابتكار وبناء، كأننا نهتم بتنشئة الطفل وتربيته حتى مرحلة بلوغه. مع أن أعمالي الدرامية ليست كثيرة إلا أنني كسبت محبة الناس الذين يأتون إلى مسرحي ويتابعون أعمالي السينمائية، من هنا لست مضطرًا إلى التنازل بهدف الظهور على الشاشة.هل يتنازل الممثل اللبناني في مكان معين؟يملك الممثل قدرًا من الكرامة وعزّة النفس، لا أقصد أن من يعمل راهنًا يفتقد إلى هذه الصفات، إنما ليس سهلا تأمين فرص عمل لممثلين لبنانيين مقارنة مع الحركة الإنتاجية، ويفكّر ممثلون كثر بأنهم غير مضطرين إلى العمل في مثل هذه الظروف.ما رأيك بالعجلة السينمائية اللبنانية التي شهدناها أخيرًا؟كانت الحركة جيّدة العام الماضي ونحن في انتظار الأفلام المقبلة، برأيي أن المهتمين بمصلحة الدراما اللبنانية يتجهون إلى السينما، لأن التلفزيون لا يعطي النتيجة التي يسعون إليها كون الدراما تكبّد خسارة مادية ما لم تكن عربية مشتركة.هل من فيلم سينمائي جديد بعد {تاكسي البلد}؟لا تشجع ظروف البلد والمنطقة على تقديم عمل جديد، فضلا عن أننا أنتجنا “تاكسي البلد” من مالنا الخاص، لكننا نحتاج، راهنًا، إلى مموّل خارجي لتقديم فيلم آخر.ما سبب هذا الاحباط؟لست محبطًا، مدّني هذا الموسم الرمضاني بحماسة معينة كوني ظهرت عبر المحطات رغمًا عن الجميع، ونال المسلسلان محبة الجمهور فضلا عن إعجابه بأدائي.أي مستقبل تراه للدراما اللبنانية؟انطلاقًا مما نراه لغاية الان، لن نتوجه إلى أي مكان وسنبقى في موقعنا.هل مواضيعها قادرة على جذب المشاهد العربي مثلما ينجذب اللبناني إلى الأعمال السورية والمصرية؟إذا لم أنجذب شخصيًا إلى مواضيعها فكيف بالأحرى المشاهد العربي؟ الدراما اللبنانية في مكان والمجتمع اللبناني في مكان آخر.هل مطلوب نقل نبض الشارع اللبناني أم اعتماد الشمولية في الدرما؟يجب أن تتنوع المواضيع الدرامية بين تقديم عمل معين عن الشارع اللبناني واظهار تنوع طوائفه وتسمية الأشياء بأسمائها بدلا من استخدام أسماء علم لا دلالة طائفية لها وإظهار تعايش مفقود في الواقع، وبين تقديم قصة تدور أحداثها في القصور وأخرى عن معاناة العيش في البؤر الفقيرة... فإن كانت الدراما حلمًا ينقلنا إلى عالم آخر، إلا أنه من الضروري أن تكون على تماس مع الواقع والمجتمع لا أن تشبه المدينة الفاضلة وغريبة عنّا، فلا نرى من خلالها أي صورة تعكس المجتمع اللبناني عام 2013.هل تلقيت عروضًا عربية جديدة؟ثمة تعاون جديد إنما من المبكر التأكيد على الأمر، أحاول التحضير لعمل درامي سوري.واجهت سورية ومصر أزمتهما وثابرتا على الانتاج الدرامي فيما نحن نتراجع، فما رأيك؟قدمت سورية 27 عملاً هذا العام على رغم المعمعة الكبرى التي تعيشها، فيما تقتصر أوضاعنا اللبنانية على المناوشات السياسية والاحتكاكات الأمنية المحصورة في بعض المناطق، مع ذلك نقدم أعمالا محدودة تعرض محليًا فحسب، مع الوجوه نفسها في المقدمة.هل ستختلف مرحلة ما قبل رمضان 2013 عما بعده بالنسبة إليك؟لطالما كنت انتقائيًا في خياراتي وأقبل الدور النوعي اللائق الذي يحترم ذوق المشاهد وأخلاقياته، إلا أنني اتخذت أخيرًا قرارًا لامني بسببه بعض الزملاء، وهو أنني مستعد للعمل {كومبارس} في الإنتاجين السوري والمصري، إذا كان هذا الأمر يمهّد لانطلاقتي في الدراما العربية، فأتدرج في الأدوار لأثبت قدراتي المهنية، وأصل إلى حيث يجب أن أكون من دون منّة من أحد، مثلما حصل في بداية انطلاقة مسيرتي في لبنان، وذلك أفضل، برأيي، من الركود الذي أعيشه محليًا. من هنا أديت في المسلسلين دورين لذيذين قدمتهما بتقنية ومهنية، مع أنهما ليسا مهمين، إلا أنني سأحاول الارتقاء تدريجًا في نوعية الأدوار، إذا أتيحت أمامي الفرصة شرط أن أكون مقتنعًا بها.هل من جديد مسرحي؟أحضّر مع جاك مارون عملا جديدًا مقتبسًا من نص أميركي ستتم لبننته، على أن نختار الممثلين لاحقًا، آملا في عرضه بين نوفمبر وديسمبر.كلمة أخيرة.أؤمن بالدراما اللبنانية على رغم كل شيء، وأتمنى أن يلهم الله الجميع ليفكروا فنيًا وليس {بالنكايات}، وأدعو الممثلين اللبنانيين ليتذكروا سبب دخولهم هذه المهنة.