بضربة شديدة القوة أصابت أرفع مسؤول في النظام الجديد، ردّ الثوار الليبيون على اعتقال القوات الأميركية الخاصة للقيادي في تنظيم القاعدة أبو أنس الليبي مطلع هذا الأسبوع، وذلك بعدما أقدمت إحدى الكتائب المسلحة فجر أمس على خطف واحتجاز رئيس الوزراء علي زيدان ساعات قبل أن تطلق سراحه.
بعد أيام من عملية اعتقال نفذتها قوة خاصة أميركية للقيادي في تنظيم القاعدة أبو أنس الليبي في طرابلس ونقله إلى خارج البلاد، اقتحمت ميليشيا مسلحة يعتقد أنها تنتمي الى «غرفة ثوار ليبيا» ولجنة مكافحة الجريمة فجر أمس فندق كورينثيا الشديد الحراسة وسط طرابلس، واقتادت رئيس الوزراء علي زيدان إلى جهة غير معلومة لأسباب غير معروفة، قبل أن تطلق سراحه بعدها بساعات، موجهة رسالة شديدة اللهجة إلى النظام الجديد الذي تكافح حكومته وقواته الناشئة للسيطرة على الميليشيات القبلية المتنافسة والمتشددين الإسلاميين الذين يسيطرون على أجزاء من البلاد. وقال حراس الفندق الراقي، الذي يقطنه معظم مسؤولي الحكومة والدبلوماسيين، إن المسلحين اقتادوا زيدان من الفندق بملابس نومه بدون نظارته دون إطلاق نار أو اشتباكات. ووصف أحدهم الواقعة بأنها «اعتقال»، لكن آخر أكد أن الخاطفين من المتشددين. واحتجز المسلحون زيدان ساعات قبل إطلاق سراحه، وكان عدد من الوزراء وأعضاء المؤتمر الوطني العام، أعلى هيئة سياسية في البلاد، في استقباله لدى نزوله من سيارة مصفحة أمام مدخل رئاسة الحكومة محاطاً بتدابير أمنية استثنائية. زيدان وأبو سهمين وظهر رئيس الوزراء الليبي على شاشة التلفزيون على الهواء أمس، وقال خلال اجتماع للحكومة أذاعه التلفزيون إن «الليبيين يحتاجون إلى الحكمة لا التصعيد للتعامل مع هذا الموقف»، موجهاً الشكر لبعض المقاتلين السابقين الذين ساعدوا في الإفراج عنه، وحثهم على الانضمام إلى القوات المسلحة النظامية. بدوره، أكد رئيس المؤتمر الوطني نوري أبو سهمين أنه لا علاقة له باحتجاز رئيس الوزراء، وذلك ردا على الاتهامات التي وجهت له بالمسؤولية عن الاختطاف بسبب دعم المؤتمر لغرفة عمليات ثوار ليبيا. وحذر أبو سهمين، في مؤتمر صحافي بعد تحرير زيدان، من أن أي جهة تتجاوز التكليف الممنوح لها ستتحمل عواقب ذلك، مشدداً على أن الثوار الحقيقيين لا يمكن أن يقبلوا الاعتداء على شرعية الدولة. وطمأن أبو سهمين الليبيين بأنه «لا سبيل لإسقاط الحكومة إلا الطريق المنصوص عليه في الإعلان الدستوري»، كاشفاً أن إدارة مكافحة الجريمة لديها بلاغ من ناشط حقوقي بحق زيدان. ابتزاز الحكومة وفي وقت سابق، أعلنت الحكومة الليبية، في بيان رفضها الخضوع «للابتزاز» إثر اختطاف رئيسها، محملة خاطفيه «المسؤولية القانونية والأخلاقية والوطنية وسلامته الشخصية» ومطالبة بإخلاء سبيله فوراً. وقبل أن تتراجع عن موقفها وتنفي مسؤوليتها عن الحادث، أعلنت «غرفة عمليات ثوار ليبيا» التي تعمل نظرياً تحت أوامر وزارتي الداخلية والدفاع على صفحتها على موقع «فيسبوك»، أنه «تم اعتقال رئيس الوزراء المؤقت علي زيدان وفق قانون العقوبات الليبي»، مؤكدة أن هذا الاعتقال جاء «بأمر من النيابة»، لكن الحكومة أكدت على صفحتها عبر «فيسبوك» أن الوزراء ليسوا على علم بأي رفع للحصانة عن زيدان أو بصدور مذكرة توقيف بحقه. وفي وقت لاحق، أعلن مكتب مكافحة الجريمة أنه يحتجز زيدان، وفق ما أعلنت وكالة الأنباء الليبية (لانا). وأشار بيان الحكومة إلى أنها تشتبه في ضلوع مكتب مكافحة الجريمة وغرفة عمليات ثوار ليبيا بالوقوف وراء اختطاف زيدان. وتخضع المجموعتان لمراقبة دقيقة من وزارتي الدفاع والداخلية الا انهما تتصرفان باستقلالية كبيرة. وبعد عامين من الثورة التي أطاحت الزعيم الراحل معمر القذافي، لاتزال السلطات الليبية الجديدة تصارع لإضعاف نفوذ الميليشيات القبلية ومجموعات المتمردين السابقين. رد دولي وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي خلال مرافقتها وزير الخارجية جون كيري إلى بروناني أمس إن واشنطن تريد الحصول على مزيد من المعلومات بشأن اختطاف زيدان، مضيفة: «ننظر إلى هذه التقارير ونتواصل بشكل وثيق مع قادة أميركيين وليبيين كبار على الأرض». وأيضاً في بروناي، ندد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون باحتجاز زيدان، معرباً عن أمله أن تتجاوز ليبيا الأزمة. كذلك وجه كل من وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ والأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن في وقت سابق نداء لإطلاق سراح زيدان فوراً. وبينما أعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين أوغلو عن إدانته واستنكاره الشديدين لاختطاف رئيس الوزراء الليبي، اعتبرت وزارة الخارجية الروسية أن العملية تبيّن هشاشة الوضع الأمني الذي تعيشه ليبيا. وجاءت عملية احتجاز زيدان بعد خمسة أيام من قيام قوة خاصة أميركية باعتقال أبو أنس الليبي، الذي تتهمه الولايات المتحدة بالقيام بدور محوري في التفجيرين اللذين استهدفا سفارتيها في نيروبي ودار السلام وقتل نحو 257 في أغسطس 1998، واقتياده إلى سفينة حربية أميركية خارج ليبيا، مما أثار استياءً شعبياً واستنكار الحكومة والبرلمان. (طرابس، لندن، موسكو- أ ف ب، يو بي آي، رويترز) علي زيدان الدبلوماسي الثائر رئيس الوزراء الليبي علي زيدان دبلوماسي لعب دوراً كبيراً في كسب دعم العواصم الغربية للثوار الليبيين ضد معمر القذافي في 2011. ولد سنة 1950 في مدينة الودان وسط ليبيا، حيث نشأ في عائلة تجار. وبعد إنهاء دراسة الآداب في ليبيا سنة 1975، انضم إلى السلك الدبلوماسي الليبي. وفي نهاية السبعينيات عيّن سفيراً لليبيا في الهند، لكنه استقال بداية الثمانينيات وانضم إلى المعارضة في المنفى ضد نظام القذافي تحت راية الجبهة الوطنية للإنقاذ الليبية التي كانت تجمع المعارضين الليبيين في الخارج. وخلال سنوات المنفى عاش خصوصاً في ألمانيا قبل أن ينفصل عن الجبهة ويركز من جنيف على حقوق الإنسان في ليبيا. وبعد اندلاع الثورة الليبية مطلع 2011 لعب زيدان دوراً كبيراً إلى جانب الليبرالي محمود جبريل، للترويج للمجلس الوطني الانتقالي، الجناح السياسي للثورة لدى العواصم الغربية خصوصا باريس. وبعد تعيينه مندوب المجلس الوطني الانتقالي في فرنسا وأوروبا، ساهم زيدان في مساعي الثوار الدبلوماسية، من أجل إقناع المجتمع الدولي بالتدخل عسكرياً لحماية المدنيين من القمع الدامي الذي مارسه نظام القذافي على الثورة. وانتخب في أول انتخابات حرة في تاريخ البلاد في السابع من يوليو 2012، عضواً في المؤتمر العام الوطني، وهي أعلى هيئة سياسية في ليبيا. وعين علي زيدان القريب من تحالف القوى الوطنية (ليبراليون) لمحمد جبريل، رئيساً للوزراء في 14 أكتوبر 2012.
دوليات
ليبيا: مسلحون يردون على عملية «أبو أنس» بخطف رئيس الوزراء
11-10-2013