في حين تصاعدت التهديدات الغربية بمعاقبة نظام الرئيس السوري بشار الأسد في حال ثبت استخدامه السلاح الكيماوي، تراوح مواقف النظام بين التهديد بإحراق المنطقة رداً على أي «عدوان» والقبول المفاجئ بزيارة لجنة التحقيق الدولية موقع الهجوم الكيماوي المزعوم. 

Ad

تصاعدت حدة المواقف الغربية من المجزرة الكيماوية التي شهدتها منطقة الغوطة قرب دمشق يوم الاربعاء الماضي، وتزايد الحديث عن أدلة على استخدام نظام الرئيس بشار الأسد لهذا السلاح، في خطوة يبدو انها كانت وراء موافقة نظام الأسد على السماح للجنة التحقيق الدولية التي يرأسها آكي سيلستروم والموجودة في دمشق بزيارة المنطقة التي شهدت الهجوم الدامي الذي أسفر عن مقتل 1300 شخص.  

 

أوباما وكاميرون وهولاند 

 

وأعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعد اتصال هاتفي مطول بينهما مساء أمس الأول عن قلقهما إزاء وجود «إشارات متزايدة» على شن النظام السوري هجوماً كيماوياً على المدنيين في الغوطة بريف دمشق، مجددين التأكيد على أن استخدام هذا السلاح يستحق «رداً جدياً» من جانب المجتمع الدولي، وأنهما «كلفا مسؤولين بدراسة كل الخيارات» المتاحة.

بدوره، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد محادثات مع رئيس الحكومة الاسترالية كيفن رود أمس إن هناك «مجموعة من الأدلة» تشير الى أن الهجوم الذي وقع في 21 اغسطس في الغوطة «ذو طبيعة كيماوية» وان «كل شيء يقود الى الاعتقاد» بأن النظام السوري مسؤول عنه، مجدداً «تصميم فرنسا على عدم ترك هذا العمل بدون عقاب».

وبعد أن عقد أوباما أمس الأول اجتماعاً مع فريق الأمن القومي لبحث كيفية الرد على «الكيماوي» واطلع على الخيارات المتاحة أمام واشنطن للتحرك، اعلن وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل أمس أن الجيش الأميركي مستعد للقيام بتحرك ضد النظام السوري في حال تلقى الامر بذلك، الا انه أكد ان واشنطن لا تزال تقيم الموقف. 

وقال هيغل للصحافيين في العاصمة الماليزية كوالالمبور المحطة الاولى من جولة يقوم بها في جنوب شرق آسيا إن «الرئيس أوباما طلب من وزارة الدفاع اعداد خيارات لكل الحالات. وهذا ما فعلناه»، وأضاف: «مرة جديدة نحن مستعدون لاي خيار اذا قرر استخدام اي من هذه الخيارات». 

وعلى الطائرة التي اقلته الى ماليزيا، قال هيغل إن الجيش الاميركي يقوم بتحريك قوات الى أماكن حسب الضرورة وسط تلويح بتوجيه ضربات صاروخية لمعاقبة نظام الاسد، وذلك بعد تحريك قطع بحرية باتجاه المياه القريبة من سورية.

في السياق، ذكرت صحيفة «صندي تايمز» أمس أن مخططين عسكريين بريطانيين وأميركيين يعكفون حالياً على وضع لائحة بالأهدف المحتملة لهجمات صاروخية على سورية، مشيرة الى أن أوباما وكاميرون ناقشا الرد العسكري أمس الأول. ونقلت الصحيفة عن مصادر في الحكومة البريطانية قولها إن تفكير الأخيرة «انتقل من مرحلة ما ينبغي اتخاذه من اجراءات عسكرية حيال النظام السوري، إلى ما يمكن القيام به».

وقالت «صندي تايمز» إن ابرز الخيارات التي يجري الحديث عنها بـ»جدية» هو «توجيه ضربات دقيقة بالصواريخ أو القنابل ولمدة تتراوح بين 24 و48 ساعة ضد منشآت سورية رئيسية، مثل المطارات، لتوجيه رسالة قوية إلى نظام الأسد».

 

النظام يهدد 

 

في المقابل، حذرت السلطات السورية الولايات المتحدة من اتخاذ أي إجراء عسكري. وقال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي في وقت متأخر من مساء أمس الأول إن أي إجراء عسكري تقوده الولايات المتحدة «ليس نزهة»، وأضاف: «في حال حدوث أي تدخل عسكري خارجي أميركي فإن ذلك سيترك تداعيات خطيرة جدا في مقدمتها فوضى وكتلة من النار واللهب ستحرق الشرق الأوسط برمته». 

 

... ويسمح للمفتشين 

 

الى ذلك، أعلنت وزارة خارجية النظام أمس عن التوصل إلى اتفاق بين دمشق والأمم المتحدة على تفاهم مشترك يسمح «فوراً» لفريق الأمم المتحدة بالتحقيق في ادعاءات استخدام الأسلحة الكيماوية. ونقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية انه تم الاتفاق في دمشق بين وزير الخارجية وليد المعلم وممثلة الأمم المتحدة العليا لقضايا نزع السلاح انجيلا كين، وذكر أن التنسيق سيتم مع الحكومة السورية حول تاريخ وساعة زيارة الفريق للأماكن التي تم الاتفاق عليها.

وحذرت إيران أقوى حلفاء الأسد في الشرق الأوسط  الولايات المتحدة من تجاوز «الخط الأحمر» بشأن سورية قائلة إن ذلك سيكون له «عواقب وخيمة». ونقلت وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء عن نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية مسعود جزائري قوله إن «أميركا تعلم حد الخط الأحمر للجبهة السورية وأي تجاوز للخط الأحمر السوري سيكون له عواقب وخيمة على البيت الأبيض». 

 في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أمس أن بلاده وضعت عدة سيناريوهات للتعامل مع الأسلحة الكيماوية في الأحداث الدائرة في سورية، داعيا إلى محاسبة من استخدمها في ريف دمشق، كاشفا عن أن «مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين سيعقد اجتماعا غدا (الاثنين) لبحث مأساة الغوطة الشرقية».

(دمشق، واشنطن، باريس ، طهران ـ أ ف ب، رويترز،

د ب أ، يو بي آي)