طالما أن الحكومة قررت أن تزيد من دفء علاقاتها الدبلوماسية مع الجار العراقي بعد أن سمحت لطيرانه بالعمل مجددا فإنه يتعين عليها أن تسأله عن مصير البلاغ المقدم من النيابة العامة الكويتية ومذيل بتوقيع النائب العام السابق المستشار حامد العثمان، والمقدم إلى المحكمة الجنائية العراقية في عام 2004، التي لم يتسنَ لها أن تفرغ حتى الآن صيغته في محاضرها، بحق قرابة 400 شخصية عراقية ما بين عسكرية وسياسية حتى ينالوا جزاءهم الجنائي من جراء ما اقترفته أيديهم بحق الكويت وشعبها خلال الغزو العراقي الغاشم.
البلاغ المقدم إلى المحكمة الجنائية العراقية بحق عدد من قيادات البعث وبعض قيادات الجيش والسياسة لا يتضمن وقائع عادية ولا حتى تهما لا تستند إلى أدلة، بل يتضمن جرائم مصنفة على إنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومرفق به أكثر من ألفي مستند وأكثر من 300 شهادة يرويها الضحايا ممن تعرضوا لأقسى أنواع الجرائم المرتكبة، ما يخطر على البال وما لا يخطر، ويتضمن الملف كل أنواع الروايات المروعة والمحزنة التي استمعت المحكمة العراقية ذاتها لأصحابها ولشهاداتهم التي بسببها أمرت بإعدام الطاغية صدام وبعض من رجال عصابته مع الاحترام الكامل لهؤلاء الضحايا.لكن القصة الكويتية لم تنتهِ بقلع رأس الأفعى ولا حتى ببعض رجاله ووضع آخرين بالسجن مدى الحياة، بل ان هناك ما يقرب من 400 شخصية أمرت أيضا بارتكاب الجرائم وساعدت على ارتكابها ونفذتها ولم تستدعَ حتى الآن للتحقيق، ومن واجب العدالة أن يمثل هؤلاء المجرمون أمام عدالة المحكمة الجنائية العراقية لينالوا جزاءهم سواء بالبراءة أو الإدانة لا أن يتركوا طلقاء من دون أن ينالوا عقابهم وكأن لا جريمة ارتكبت ولا حتى ضحايا قد وقعوا!لا يمكن السكوت عن جريمة كجريمة الغزو العراقي الغاشم، خاصة أن الجناة لم ينالوا عقابهم منذ 23 عاما أمام القضاء الدولي، وطالما قبلنا اللجوء إلى المحكمة الجنائية العراقية لمحاكمة من ارتكب تلك الجرائم فيتعين التحرك على هذه المحكمة لتفعيل هذا الملف مجددا، وإذا واصل العراق ومحكمته الخاصة صمته عن الملف فلتذهب الكويت إلى المحكمة الجنائية الدولية أو حتى المحاكم الكويتية التي لها أن تتكفل بالملف ذاته وتصدر أحكامها بحق قائمة المتهمين فتحكم بالإدانة أو البراءة وبعدها تطلب الكويت القبض عليهم عن طريق الإنتربول، وتكون بذلك قد أغلقت هذا الملف إلى الأبد!
مقالات
مرافعة : أين بلاغ «الجنائية» العراقية؟!
03-03-2013