لا شك في أن قضية السامية أو اللاسامية ما زالت تأخذ حيزاً كبيراً في الثقافة العالمية، وتأييد إسرائيل أو معارضتها بات بوابة لبروز كثير من الكتاب والفنانين، كأن القضايا الكبرى مفاتيح للشهرة وربما الإبداع والكتابة المميزة. هذا الكلام ليس إدانة لأحد بل إشارة إلى واقع، على أن إسرائيل نفسها تشارك بشكل فاعل في تسليط الضوء على كل من يعترض على سياسياتها وسلوكها الوحشي، فهي لا تحتمل صوتاً معارضاً واحداً، وعند صدور رواية جديدة تتضمن مواقف مغايرة لإسرائيل يلتهب الإعلام الإسرائيلي واللوبي بمواقف نارية. في هذا الإطار، هاجمت جمعية مكافحة التمييز اليهودية الروائية أليس وولكر، ووضعت كتابها الجديد {وسادة في الطريق} الذي خصصت 80 صفحة فيه لنصرة الشعب الفلسطيني، ضمن الكتب اللاسامية.

Ad

واعتبر القنصل العام لإسرائيل في نيويورك إيدو أهاروني أن الفنانين يبحثون عن جعل إسرائيل كبش الفداء، وذلك في رسالة مفتوحة موجهة إلى الكاتبة، نشرت في صحيفة {نيويورك بوست}، ودافع فيها عن حق إسرائيل في تقديم نفسها على أنها بلد مضياف ويرحب بالجميع.

ويتساءل أهاروني، كرئيس ومؤسس لفريق إدارة العلامة التجارية لإسرائيل: {لماذا لا يكون للدولة اليهودية الحق في الترويج لنفسها بينما يتم غض النظر عن دول بما في ذلك إيران، كوريا الشمالية، وحتى قطاع غزة في ظل حماس، التي لا تتوقف عن مغازلة السياح والشركات}، ويتابع: {إسرائيل لا ينبغي أن ينظر إليها فقط من خلال منظور مشاكلها، ولا يجب على أية دولة فعل هذا}، وتابع بأن ووكر تزعم وتفخر بنفسها بحماية الحرية والتعددية، بينما تحاول حرمان الملايين من عشاق الموسيقى الإسرائيليين من حقهم في الاستمتاع بالموسيقى.

واعتبر رئيس رابطة التشهير أبراهام فوكس أن كتاب ووكر {وسادة على الطريق} يحطم الأرقام القياسية من ناحية {معاداة السامية} لوصفها الإجراءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني على أنها {إبادة جماعية} و{جريمة ضد الإنسانية}، فضلاً عن أنها {أقسى أنواع التعذيب الوحشي}.

ألمانيا النازية

يتطرق {وسادة على الطريق} لمواضيع بالغة الحساسية مثل العنصرية، والحملة الانتخابية لرئيس الولايات المتحدة الأميركية باراك أوباما، وكوبا والصحة والتضامن مع القضية الفلسطينية، كذلك خصصت فصلاً كاملاً منه لتتناول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفيه تقارن إسرائيل بألمانيا النازية.

أليس ووكر كاتبة أميركية عرفت برواية {اللون القرمزي} التي طبعت للمرة الأولى منذ 30 عاماً وحازت جائزة بوليتزر سنة 1982، وتتناول ملف العنصرية في الجنوب الأميركي في النصف الأول من القرن العشرين، والتمييز على أساس الجنس بين السود، ولم تكن هي الأولى للكاتبة ولكنها الأشهر بلا منازع.

وعرفت الكاتبة بمواقفها، ومن بينها عندما نشرت رسالة مفتوحة منذ عام تقريباً في الإنترنت موجهة إلى دار نشر إسرائيلية ترفض فيها طباعة روايتها {اللون القرمزي} باللغة العبرية، احتجاجاً على اضطهاد الفلسطينيين من إسرائيل. وكانت قد قررت الانضمام إلى أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة قبل سنوات حين انطلقت على متن أسطول الحرية 2- {جرأة الأمل}، وهي ليست طارئة على معارضة الجرائم الإسرائيلية فقد زارت غزة عام 2009 وصدمها الدمار الكبير الذي اختلط مع أشلاء قتلى كانوا ضحايا 22 يوماً من قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

وكتبت ووكر في مدونتها الإلكترونية أنها لم تتمكن لأشهر عدة من الحديث عما شاهدته وما شعرت به في القطاع المعزول عن العالم . يذكر أن أليس ووكر، فضلاً عن أنها كاتبة، فهي ناشطة تعج حياتها ومسيرتها بالمواقف الإنسانية انطلاقاً من اعتقالها عام 2003 مع غيرها من الناشطين لمشاركتها في مسيرة مناهضة للحرب في العراق، مروراً بمساهمتها في تأسيس كثير من المنظمات الإنسانية والنسائية وانتهاء بتحديها الواضح للقرار الإسرائيلي ووجودها على متن سفن أسطول الحرية، وجهتها غزة.