تقرير اقتصادي : ماذا أنجزنا من خطة التنمية خلال السنوات الأربع الماضية لنستعد لـ 5 سنوات قادمة؟

نشر في 07-03-2013 | 00:01
آخر تحديث 07-03-2013 | 00:01
No Image Caption
ضعف آليات قياس التنفيذ وعدم رصد المعوقات وتحديد طريقة تجاوزها

ثمة أسئلة كثيرة تدور حول خطة التنمية ومصداقية الحكومة في تنفيذها، فلاتزال الكويت تتذكر مشروع تحويلها إلى مركز تجاري ومالي منذ نحو 10 سنوات، ولم تقدم الحكومة إلا عناوين إعلامية عريضة.
لم تكد وزير التنمية رولا دشتي تعلن خلال رحلتها الى الصين عن مشاريع اسكانية تبلغ قيمتها 40 مليار دولار حتى اعلن رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك تخصيص 125 مليارا لخطة التنمية للسنوات الخمس المقبلة.

ورغم ان خطة التنمية تم اقرارها عام 2009، فإنها لاتزال تحبو في مراحلها الاولى، فنحن اليوم في السنة الرابعة من اقرار الخطة ولا احد يعرف، بما في ذلك الاجهزة الحكومية، نسبة ما تم انجازه من الخطة، حيث شهدت السنة الاولى من خطة التنمية تضاربا في الارقام ما بين 65 و25 و7%، ولا احد يعرف حتى الآن النسبة الحقيقية للانجاز ان وجدت.

بنية تحتية

وفي الحقيقة فإن مسمى خطة التنمية في حد ذاته مبالغ فيه، مقارنة بالخطة الموجودة، فهي في حقيقتها خطة للبنية التحتية والانشاءات اكثر من كونها خطة تنمية بشرية تهتم بالإنسان من حيث التعليم وتطويره، كي يتناسب مع سوق عمل حقيقي قائم على المبادرة والاعمال الصغيرة والمتوسطة، فالمنشآت والمستشفيات وغيرهما من الاعمال الانشائية ترتبط بالبنية التحتية اكثر من التنمية التي يجب ان تركز على الانسان.

وحتى مع اعتبار الخطة الحالية خطة للتنمية فإنه يحق لنا التساؤل: هل تم رصد المعوقات التي عرقلت تنفيذ خطة التنمية منذ 4 سنوات كي ندخل في خطة تنمية للسنوات الخمس القادمة؟ وما الفرق بين الخطتين السابقة والقادمة، وهل هناك تشابك بينهما، ام ان كلا منهما مستقلة عن الاخرى؟ وهل لدى الحكومة آلية لمعالجة المعوقات واوجه القصور في الدولة؟ وفيم تختلف خطة التنمية مثلا عن التقارير التي اعتمدتها الحكومة بعد اقرار الخطة عام 2009، لا سيما تقرير اللجنة الاستشارية الاقتصادية؟ بل هل مبلغ الــ 40 مليار دولار الذي اعلنت عنه الوزيرة دشتي من ضمن الــ 125 مليارا التي تحدث عنها رئيس الوزراء، ام أنه مبلغ اضافي؟

أسئلة عن التنمية

ثمة اسئلة كثيرة تدور حول خطة التنمية ومصداقية الحكومة في تنفيذها فلا تزال الكويت تتذكر مشروع تحويلها الى مركز تجاري ومالي منذ نحو 10 سنوات، ولم تقدم الحكومة الا عناوين اعلامية عريضة لم تنعكس على الواقع الاقتصادي بشكل ملموس، وبالتالي يجب الا يصيب خطة التنمية ما اصاب هذا المشروع.

إن أي خطة تنمية لا يمكن ان تنجح إلا عند الإيمان بأنها مشروع دولة لا مجرد خطة وزير أو وزارة تتفاعل مع السياسات الحكومية، بحيث تكون هنا آلية لقياس الانجاز وتحديد المعوقات وطريقة تجاوزها.

جدية التنفيذ

ومن بديهيات الأشياء، فإنه لا يعقل ان نقول ان لدينا خطة تنمية في وقت تتضارب السياسات الحكومية، كأن تنتقد الحكومة فلسفة الصرف في موازنة، ثم تعود لتتقدم بموازنة جديدة تحمل نفس ملامح وفلسفة الموازنة السابقة، أو تتحدث عن ضبط الإنفاق، ثم نرى تنازلات حكومية في مسائل تتعلق بالكوادر والبدلات الوظيفية، أو تهاوناً في تطبيق القوانين الاقتصادية، أو تلكؤاً غير مبرر في تحويل الدراسات الاقتصادية إلى واقع ملموس، فالتنمية حتى تكون مشروعاً متكاملاً يجب ان تحظى بالمصداقية، ولا بد أن يكون العمل ضمن بيئة صحية لتأتي نتائج الإنفاق ملموسة وفعالة.

وحتى مسألة تنفيذ المشاريع والرغبة الحكومية في الاسراع بها ليست جدية، فمشروع المطار الجديد المقرر الانتهاء منه في 2016 تم تأجيله الى 2020 دون حتى بيان اسباب التأجيل ضعف المدة المقررة للتنفيذ، رغم ان المشاريع الكبرى خليجيا على الاقل يتم تنفيذها بوتيرة اسرع.

فوائض وإدارة

لا شك ان التنامي السنوي في الفوائض المالية، والتي وصل اجماليها خلال 9 سنوات الى 80 مليار دينار، لا يعكس بيئة جيدة للاقتصاد بقدر ما يبين عدم جدية الدولة في تنفيذ خططها ومشاريعها المؤجلة منذ سنوات، وهو ما أصبح يفتح المجال واسعاً للمطالب الشعبوية الانتخابية التي باتت تتنامى أكثر في السنوات الأخيرة، كإسقاط فوائد القروض او المنح الى جانب الكوادر والزيادات.

التعليم ونتائجه

الميزانية العامة للدولة تشهد نمواً استثنائياً في الإنفاق على التعليم من مليار دينار العام الماضي الى 1.7 مليار دينار هذا العام، مدعومة بإقرار كادر المعلمين، ولذلك فإن الإنفاق على التعليم يجب ان تواكبه فلسفة تحول هذا الإنفاق الى مخرجات توازي ما يُنفَق من اموال.

 إن أي حديث عن التنمية بلا رؤية واضحة للتعليم وبناء الإنسان لا يمكن أن يؤخذ على محمل الجد، والاعتقاد بأن تنفيذ مشاريع البنية التحتية أو السعي إلى توفير بيئة استثمارية هو التنمية الحقيقية، إنما هو ضحك على الذقون... فالأولى أن نتعلم من تجارب دول ليس لديها أي موارد ككوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان واليابان، ومع ذلك نجحت في خلق جيل قادر أبهر العالم بعمله وعلمه، فكيف بنا نحن الذين نمتلك المورد الأهم عالميا الى جانب الفوائض المالية؟!

back to top