كان موضوع الضربة الأميركية المحتملة على سورية الأبرز خلال قمة الدول العشرين في مدينة سان بطرسبورغ أمس. وفي وقت لاتزال الهوة بين الدول المؤيدة والمعارضة للضربة واسعة، يستمر الحشد العسكري في منطقة البحر المتوسط التي من المتوقع أن تكون مسرح الأحداث.   

Ad

في حين شهدت مدينة بطرسبورغ الروسية أمس لقاءات واجتماعات عدة انصبت على مناقشة الملف السوري والضربة الأميركية المرتقبة لنظام الرئيس بشار الأسد وسط انقسام بين مؤيدي التدخل العسكري ومعارضيه، لا تزال الاستعدادات العسكرية مستمرة في منطقة الشرق الأوسط. 

وهيمن موضوع «الضربة» على مجريات القمة، خصوصا في اللقاءات الثنائية التي كان أبرزها لقاء بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما ونظيره الفرنسي فرانسوا هولاند المؤيدين لتوجيه ضربة لسورية، ولقاء هولاند رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، فضلاً عن اللقاءات التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع قادة الدول العشرين.  

وجاء ذلك، بعد أن تقدم أوباما خطوة في الكونغرس في خططه لتوجيه ضربات لسورية بمصادقة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بغالبية عشرة أصوات مقابل سبعة على مشروع قرار يجيز تدخلا عسكريا محدوداً ضد الأسد مدة اقصاها ستون يوما مع امكانية تمديدها الى تسعين يوما بدون إرسال قوات على الأرض.

وفي موقف داعم لموقف موسكو، حذرت الصين أمس من أن التدخل العسكري في سورية سيضر بالاقتصاد العالمي ويرفع أسعار النفط وجددت الدعوة إلى حل سلمي للصراع. وقال نائب وزير المالية الصيني تشو كوانغ ياو خلال مؤتمر صحافي على هامش القمة: «سيكون للعمل العسكري تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي وبخاصة على سعر النفط - سيتسبب في ارتفاع سعر النفط».

وفي بكين، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية هونغ لي ان لجوء اي جانب للحرب الكيماوية غير مقبول، لكنه اكد أن اللجوء الى تحركات عسكرية منفردة يمثل انتهاكا للقانون الدولي وسيزيد الصراع تعقيدا.

كما بعث بابا الفاتيكان فرنسيس الأول رسالة الى بوتين دعا فيها الى تحرك اعضاء مجموعة العشرين من أجل البحث عن حل سلمي «يجنب حصول مجزرة» في سورية، في وقت نفى الفاتيكان أنباء عن إجراء فرانسيس اتصالا هاتفيا بالاسد.

 

حشود عسكرية 

 

إلى ذلك، رست سفينة الإنزال الحربية الأميركية سان انطونيو في ميناء حيفا الإسرائيلي أمس وعلى متنها 300 جندي من مشاة البحرية ومعدات اتصال. وأرسل الأسطول الأميركي السفينة للانضمام إلى أسطول من السفن الحربية في الشرق الأوسط ونقلتها من مهمة مختلفة. وقال مسؤول دفاع أميركي إن سان أنطونيو قد تقوم بمهمة قاعدة طافية مؤقتة لقوات العمليات الخاصة إذا لزم الأمر. وقد تساعد أيضا في عمليات إجلاء غير عسكرية. كما نشرت تركيا قوات إضافية لتعزيز حدودها الطويلة مع سورية تحسبا لتدخل محتمل ضد النظام السوري، وذلك بعد تهديد صدر من دمشق باستهداف تركيا اذا شاركت حكومة رجب أردوغان في الضربة المحتملة.

وأشارت وسائل الإعلام التركية الى أن قافلة من 20 آلية تشكل المدرعات القسم الاكبر منها، قد انتشرت مساء أمس الأول على الحدود السورية عند بلدة يايلاداغي في اقليم هاتاي. وتحدثت وكالة أنباء الاناضول الرسمية عن تعزيز القوات المحتشدة على الحدود المشتركة (900 كلم) خصوصا في غازي عينتاب (جنوب).

في المقابل، عبرت ثلاث سفن حربية روسية أمس مضيق البوسفور التركي متجهة الى شرقي المتوسط مقابل السواحل السورية على خلفية الاستعدادات لاحتمال ضربة عسكرية غربية على نظام دمشق. وتصدرت سفينة الحرب الالكترونية «اس اس في-201 بريازوفيي» المجموعة التي شملت كذلك سفينتي الانزال «مينسك» و»نوفوتشيركاسك»، في عبور المضيق الذي يقسم مدينة اسطنبول التركية الكبرى.

 

دعم المعارضة 

 

وتدرس واشنطن خطة لزيادة الدعم للمعارضة السورية من خلال تكليف وزارة الدفاع (البنتاغون) مهمة تسليح مقاتليها بدلا من أن يتم ذلك ضمن مجهود سري تتولاه حتى الآن وكالة الاستخبارات المركزية الـ»سي اي ايه»، بحسب ما افاد مسؤولون أمس الأول. 

وقال مسؤول اميركي طلب عدم كشف اسمه «ان المسألة قيد الدرس». وتابع المسؤول متحدثا لوكالة «فرانس برس» إن «امكانية وكيفية حصول ذلك هما مسألتان يجري بحثهما حالياً».

ومسألة مساعدة المعارضة السورية بقيت حتى الآن سرية وموكلة الى الـ «سي اي ايه»، وانتقالها الى «البنتاغون» سيزيل السرية عنها، ولا سيما لجهة كشف كلفتها وحجمها. كذلك يتيح نقل مسؤولية دعم المعارضة الى «البنتاغون» العمل «على نطاق اوسع» مما يجري حاليا مع الـ»سي آي ايه» التي لا تمتلك القدرات اللازمة، بحسب ما أوضح لـ»فرانس برس» مسؤول ثان في وزارة الدفاع.

وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري أكد أمس الأول ان الولايات المتحدة تعمل على تشكيل ائتلاف دولي لشن ضربات محتملة على سورية، يضم خصوصا فرنسا وبلدانا عربية.

 

 

المفاعل النووي 

 

وأعلنت روسيا أمس انها ستحذر خلال اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية الاسبوع المقبل من ان اي ضربة عسكرية اميركية ضد سورية قد تصيب مفاعلا نوويا للابحاث في هذا البلد. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الروسية لـ»فرانس برس» ان «روسيا ستطرح بالتأكيد هذه المسألة خلال الدورة الخريفية لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تفتتح في التاسع من سبتمبر الجاري في فيينا». وحذرت روسيا أمس الأول من ان الضربات العسكرية الاميركية قد يكون لها عواقب «كارثية» على السلامة النووية اذا أصابت مفاعلا للأبحاث في ريف دمشق.

(سان بطرسبورغ، واشنطن، دمشق ـــ أ ف ب، رويترز، د ب أ، يو بي أي)