معظم حالات الإغلاق في الماضي، وما يشبه التخلف عن السداد، دفعت إلى تركيز الأزمة الراهنة على مدى شيوع هذه الأحداث في الماضي، لكن طوال أكثر من عقد من الزمن تمت إزالة خطر التخلف بشكل أساسي.

Ad

صورة الصراع المحتدم في واشنطن تتلخص في تصميم رئيس مجلس النواب جون بوهنر على استخدام امكانية التخلف عن السداد كوسيلة ضغط من أجل ضمان انتصارات سياسية للجمهوريين، وتصميم الرئيس اوباما على تفادي سابقة الخضوع لتلك المطالب التي ستضعف بشدة الرؤساء في المستقبل. وعلى أي حال يوجد حل محتمل لن يفضي فقط الى تفادي تخلف كارثي ويسمح للطرفين بحفظ ماء الوجه، بل يستبعد مثل تلك الأخطار في المستقبل.

معظم حالات الإغلاق في الماضي وما يشابه التخلف عن السداد دفعت الى تركيز الأزمة الراهنة على مدى شيوع هذه الأحداث في الماضي، لكن طوال أكثر من عقد من الزمن، في الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن الماضي، تمت ازالة خطر التخلف بشكل أساسي، وتمثل ذلك من خلال استبعاد عملية الخطوتين الغريبة التي يتم بموجبها وضع ميزانية الحكومة ومن ثم إنفاق الأموال.

لمحة تذكير سريعة: أولاً، يقر الكونغرس قرار ميزانية يحدد كمية الأموال التي سوف تنفق، ثم يرفع حدود الدين للسماح بذلك الإنفاق، لم العمل عبر خطوتين؟ لا يوجد سبب وجيه. وهو يستدعي سوء الإدراك الذي يطلقه في الوقت الراهن الجمهوريون (لكنه كان كذلك عندما أطلقه السيناتور باراك اوباما ذات مرة) من أن قرارات الإنفاق المهمة تأتي في الخطوة الثانية، وليس في الخطوة الأولى، وأن رفض زيادة سقف الدين يعالجها. ولكنه لم يحقق ذلك، بل تسبب في حدوث أزمات على غرار ما نعانيه الآن.

في سنة 1979، أوكل رئيس مجلس النواب الديمقراطي تيب اونيل مهمة حشد أصوات لرفع سقف الدين الى النائب ريتشارد جيفارت، الذي كان يومها عضواً شاباً في الكونغرس عن الحزب الديمقراطي من ميزوري. وقد استاء جيفارت من المهمة، ولأنه أدرك احتمال تورطه فيها ثانية عمد الى استشارة البرلماني حول ما اذا كان في المستطاع الجمع بين الخطوتين – ورد عليه بالايجاب. وبعد ذلك الوقت عندما كان مجلس النواب يقر قرار ميزانية كان سقف الدين «يعتبر» مرفوعاً.

واستمر «قانون جيفارت»، كما أصبح يعرف حتى سنة 1995، عندما أدرك رئيس مجلس النواب الجديد نيوت غينغريتش، الخارج حديثاً من انتصار الجمهوريين في انتخابات منتصف الفترة في 1994، الشيء ذاته الذي يدركه اليوم الجمهوريون من حزب الشاي: خطر العجز عن السداد يمكن أن يستخدم لابتزار الديمقراطيين من أجل تقديم تنازلات. وقام غينغريتش بإلغاء قانون جيفارت، وخلال السنة ذاتها تعرضت دوائر الحكومة للاغلاق.

ويتمثل المخرج من الأزمة بالنسبة الى بوهنر واوباما في الاتفاق على صفقة تسمح بتنازل متواضع مع حفظ ماء الوجه لبوهنر –الغاء ضريبة الأجهزة الطبية؟- في مقابل اعادة فرض قانون جيفارت. صحيح، يقول اوباما إنه لن يناقش قضية سقف الدين، لكن منطقه ينطلق من أن القيام بذلك سيضعف بشدة رؤساء المستقبل الذين سيتعرضون لابتزاز في كل مرة يقترب فيها موعد التصويت على سقف الدين. واذا تم استبعاد ذلك التصويت لن يكون لدى اوباما ما يخشاه – وقد يصل هذا الإغلاق الضار أخيراً الى نهايته.     

(بيزنس ويك)