كي لا تضيع تضحيات الشباب!

نشر في 03-03-2013
آخر تحديث 03-03-2013 | 00:01
 د. ساجد العبدلي   أكثر من بذل وعانى وقاسى وتحمّل وقدّم التضحيات خلال الحراك السياسي الشعبي في الفترة الماضية هم الشباب، فقد كانوا في مقدمة هذا الحراك وعلى جانبيه وفي منتصفه وفي آخره، ونالهم من جراء ذلك ما نالهم من ترهيب وبطش وضرب واعتقال ومحاكمات وسجن على يد السلطة، وفي مقابل هذا كله كان بدهياً جداً أن ترتفع آمالهم وطموحاتهم عالياً لشكل وطبيعة الثمرة التي يريدون قطافها وجنيها من بعد هذه المعاناة الشديدة.

آمال الشباب وطموحاتهم مع تتابع أحداث الحراك وتزايد بطش السلطة كانت قد وصلت إلى سقف المطالبة بالحكومة الشعبية المنتخبة والنظام البرلماني الكامل، وتعلقت هناك فما عادت تقبل النزول أو التنازل عن مستوى هذا السقف مطلقاً، لأن النزول والتنازل ما عاد يعني سوى أن كل التضحيات والآلام السابقة لم تكن سوى مسرحية سمجة، بل خديعة يراد الآن أن يدفع ضريبتها هؤلاء الشباب لوحدهم وبلا مقابل!

واليوم ها هي قد بدأت تلوح بالفعل بوادر انقلاب على هذه الآمال والطموحات الشبابية، فقد أخذت ترتفع نبرة إعلامية، ليس من خصوم الحراك، إنما من بين ظهراني من يدعون أنهم من الحراك المعارض لتسبح عكس تيار الإرادة الشبابية، وهي تدندن على فكرة أن قيام الحكومة الشعبية المنتخبة التي يرأسها رئيس وزراء من الشعب غير مطروحة لأنها غير صالحة من الأساس، وأن الحكومة الكويتية لطبيعتها لا يمكن أن يديرها إلا واحد من أبناء الأسرة من الشيوخ، مطالبة الأسرة بتقديم خيار مقبول من أبنائها لهذا المنصب!

ولا أظن أبداً أن هذه الفكرة قد ظهرت اليوم وفي هذا التوقيت بالذات على لسان هذه الأطراف كفكرة يتيمة عارضة تفتق عنها ذهن أحدهم، إنما جاءت في الحقيقة لتكشف عن تحرك يجري حالياً خلفها تمهيداً لصيغة سياسية جديدة كمحاولة لانتشال الواقع السياسي من هذا المستنقع الذي نراه، وقد وقع فيه حفظاً لماء وجه السلطة، وذلك بعدما أدركت هذه السلطة تماماً أن حسابات حل المجلس السابق، وتشتيت نواب المعارضة وجرجرتهم في المحاكم وإنشاء مجلس "الصوت الواحد" كانت خاطئة جداً، ولم تجد لذلك نفعاً، بل على النقيض من ذلك تماماً زادت الأمور تعقيداً، وكشفت للجميع حقيقة أن فشل إدارة الدولة عبر سنوات طويلة ماضية كان راجعاً بلا أدنى شك الآن إلى سوء وضعف الحكومات المتعاقبة وليس إلى سوء مكونات مجالس الأمة السابقة.

على شباب الحراك المعارض أن ينتبهوا سريعاً لما يحاك اليوم ضدهم، وضد ما قدموه وبذلوه من تضحيات، وألا يتركوا أنفسهم ليقعوا فريسة في فخ التنازل والنزول عن سقف مطالباتهم الشعبية المستحقة، لأن هذا، إن حصل، سيكون هو الهزيمة بعينها مهما حاول أي طرف أن يقول غير ذلك.

back to top