العجيان لـ الجريدة•: الأزمة الاقتصادية أظهرت الحاجة إلى إعادة هندسة الأدوات المالية

نشر في 11-02-2013 | 00:02
آخر تحديث 11-02-2013 | 00:02
• فقدان الثقة وقصور القوانين والأوضاع السياسية... أبرز مشاكل التمويل في الكويت

• أرجح شطب الشركات تماشياً مع «هيئة السوق» ودمج المتعثرة القابلة للتطوير

أكدت استاذة التمويل في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت حصة العجيان أن الأزمة المالية الحالية كشفت الحاجة إلى إعادة هندسة الأدوات التمويلية في السوق الكويتي، وأن بعض شركات التقييم لا يمكن الاعتماد عليها.

وأضافت العجيان خلال في لقاء مع "الجريدة" ان التمويل في السوق الكويتي يعاني أربع مشكلات رئيسية، هي: انعكاسات الوضع السياسي الداخلي وفقدان المستثمر لثقته بالسوق وقصور التشريعات والقوانين وآليات تطبيقها وعدم الالتزام بأخلاقيات العمل. واوضحت أنها تفضل شطب الشركات تماشيا مع قوانين هيئة أسواق المال، ودمج الشركات المتعثرة القابلة للتطوير، وكف الشركات عن الاعتماد على الحكومة والتركيز على ايجاد فرص استثمارية فيها طلب حقيقي، مطالبة الحكومة بالاسراع في عمليات خصخصة مشاريع البنية التحتية، والاسراع في تنفيذ مشاريع خطة التنمية. وقالت العجيان ان تشدد البنوك بعد اندلاع الازمة المالية طبيعي، خصوصاً بعد تحقيقها لخسائر في عامي 2008 و2009، لكن بعد التغيير الذي حصل في اتفاقية بازل من الممكن أن تزيد ربحية البنوك المحلية في السنوات القادمة.  

وتحدثت العجيان عن أوضاع سوق التمويل في الكويت ومشاكله منذ بداية الازمة حتى الآن، واقترحت بعضاً من الحلول المناسبة له، في ما يلي تفاصيل اللقاء:

• حدثينا عن مشاكل التمويل في السوق الكويتي منذ بداية الأزمة المالية وحتى الآن؟

- السوق الكويتي جزء من السوق العالمي، وأثبتت نتائج بحث قمت بها أن حركة بورصة الكويت مرتبطة بالبورصات الأميركية، والبريطانية، والفرنسية الى جانب الأسواق المالية الأخرى. وتلا نزول المؤشرات العالمية في نهاية 2007 هبوط المؤشر الكويتي في بداية 2008، وفي منتصف 2009 بدأت مؤشرات أهم الأسواق العالمية باستعادة جزء من قيمتها على عكس المؤشر الكويتي الذي ظل في هبوط مستمر حتى 2012، ويدل هذا على أن المشكلة على الأغلب محلية وليست عالمية.

ويعاني التمويل في السوق الكويتي أربع مشكلات أساسية، الأولى هي انعكاسات الوضع السياسي الداخلي، وتكمن المشكلة الثانية بفقدان المستثمر لثقته بالسوق، ففي استطلاع قام به مكتب الجمان في أكتوبر 2012، شكك 58 في المئة من نسبة من شملهم الاستطلاع بجدية الحكومة في دعم الاقتصاد، والمشكلة الثالثة هي القصور في التشريعات والقوانين وآليات تطبيقها، أما المشكلة الأخيرة فهي عدم الالتزام بأخلاقيات العمل (Business Ethics)، ولذلك يجب على الجامعات والمؤسسات التعليمية التركيز على تدريس وتعزيز الأخلاق المهنية وعواقب عدم الالتزام بها.

• ما الذي استفدناه من الأزمة المالية الحالية؟ وماذا كشفت لنا؟

- كشفت لنا الأزمة المالية أن الأدوات المالية تحتاج الى إعادة هندسة، وأن بعض شركات التقييم لا يمكن الاعتماد عليها، كما كشفت لنا القصور في النظرية الكينيزية التي تشجع التدخل الحكومي عندما لا يتساوى العرض مع الطلب، فالتدخل الحكومي يضع طبقة تحجب التعامل مع الآثار الفعلية للأزمات، والافراط في الانتاج (العرض) ان لم يقابله طلب حقيقي للسلع والخدمات فلن يكون كافياً لسداد القروض والفائدة المتراكمة، وتدخل الحكومة المستمر لن يحل المشكلة وانما سيخل بتوازن وديناميكية العرض والطلب وسيؤجل آثار الأزمات الى الأجيال القادمة.

أدوات تمويل جديدة

• هل هناك أدوات تمويل جديدة تساهم في مساعدة الشركات المتعثرة؟

- أرجح شطب الشركات تماشيا مع قوانين هيئة أسواق المال، كما أقترح دمج الشركات المتعثرة القابلة للتطوير، ففي أواخر السبعينيات من القرن الماضي قامت حكومة دولة الكويت بتجزئة القيمة الاسمية للسهم لتصبح دينارا بدلا من 10 دنانير ثم جزأت القيمة الاسمية لتصبح 100 فلس بدلا من دينار، وبما أن أسعار الأسهم دون القيمة الاسمية، أقترح دمج أسهم الشركة الواحدة فمثلا كل خمسة أسهم تصبح سهما واحدا (reverse split)، ويكون الحل الاخير من خلال التورق بشرط النمو المستقبلي والانتاجية، مثل فعل بنك برقان عندما طرح سندات في 2012.

• هل من اقتراحات تساهم في حل أوضاع الأصول المنهارة للشركات؟

- على الشركات الحد من اعتمادها على الحكومة والتركيز على ايجاد فرص استثمارية فيها طلب حقيقي، مثل الاستثمار في العقار السكني، لان نسبة الاشغال في عقارات السكن في الكويت بلغت 94 في المئة في نهاية 2011 بينما بلغت نسبة اشغال المكاتب الادارية 59 في المئة فقط، فيمكن انشاء أو تحويل العقار التجاري الى شقق سكنية بتصميم راق ومساحة شاسعة وبأسعار معقولة، لكن لا يمكن أن يتم ذلك قبل تعديل قانون 8و9 لسنة 2008 الذي يحظر على الشركات تملك العقار السكني. والى جانب تعديل القانون أقترح اصدار قانون مصاحب ينظم الزيادة في أسعار العقارات.

قواعد جديدة

• هل هناك قواعد تمويل عالمية جديدة ظهرت خلال الأزمة المالية؟ وما القواعد الغائبة عن السوق الكويتي؟

- نعم، ففي ديسمبر 2009 اصدر الاتحاد الأوروبي قانون رقابة وكالات التقييم، كما أصدر «EMIR» الذي طبق في أغسطس 2012 لضبط التعامل بالمشتقات، وفي نوفمبر 2012 طبق قانون يقضي بمنع البيع على المكشوف «Naked Short Selling»،ولا يخفى على الجميع التغيرات التي طرأت على اتفاقية بازل والتي من شأنها زيادة ربحية البنوك. أعتقد أننا في الكويت نحتاج الى أن تنتقل الصلاحيات من مؤسسات الدولة المختلفة الى هيئة أسواق المال لتقوم بدورها على أكمل وجه، ونحتاج أيضا في الكويت الى قوانين افلاس شبيهه بالقوانين الاميركية، Chapter 7 وChapter 11. كما نحتاج الى آلية في تطبيق القوانين تزيد من الشفافية.

• هل هناك مقترحات بشأن الخطوات المطلوبة من الحكومة فيما يتعلق بمسألة إعادة فتح قنوات التمويل والائتمان؟

- أعتقد أن على الحكومة الاسراع في عمليات خصخصة مشاريع البنية التحتية، والاسراع في تنفيذ مشاريع خطة التنمية والتي تهدف الى رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص من 37 في المئة الى 44 في المئة بحلول عام 2035، كما أعتقد أنه أصبح من الضروري تعديل بعض القوانين مثل قانون الـB.O.T لترغيب المستثمرين، وقانون 8 لسنة 2008 الذي أشرت اليه سابقا.

القطاع المصرفي

• كيف ترين أوضاع القطاع المصرفي الكويتي؟

- حقق بعض البنوك خسائر في عامي 2008 و2009 ولكن جميعها حققت أرباحا في 2010 و2011، أعتقد أنه بعد التغيير الذي حصل في اتفاقية بازل ستزداد ربحية البنوك المحلية في السنوات القادمة. وقد وصلت نسبة اجمالي القروض الى الودائع لجميع البنوك في 2011 الى 66 في المئة والمسموح من قبل البنك المركزي 85 في المئة أي أن بامكان البنوك استغلال الودائع بنسبة أكبر وتحقيق أرباح أكثر.

وقد ذكر تقرير الجمان أن الديون المشكوك في تحصيلها بلغت حوالي ملياري دينار من أصل القروض البالغ تقريبا 28 مليار دينار. وتطرق تقرير «موديز» الى نقطة الشفافية والتخوف من أن البنوك لم تفصح عن القروض الرديئة بالكامل وأن نسبة القروض المتعثرة غير المغطاة بلغت 7 في المئة في 2011. أعتقد أننا بحاجة الى مزيد من الشفافية.

تشدد البنوك

• ما رأيك في تشدد البنوك بمنح التمويلات الجديدة لشركات الاستثمار؟ وهل تعاني جميع الشركات الاستثمارية أزمات فعلا، ومن ثم ترفض البنوك تمويلها؟

- بعد خسارة بنك الخليج 359 مليون دينار في المشتقات المالية سنة 2008، أصبح من الطبيعي أن تتشدد البنوك في تمويل الأنشطة الاستثمارية. ان نسبة الشركات الاستثمارية الخاسرة في بورصة الكويت في 2008 و2009و 2010 و2011 بلغت 71 في المئة، 80 في المئة، 56 في المئة و56 في المئة على التوالي، اي اننا نستطيع القول ان غالبية الشركات الاستثمارية تعاني آثار الأزمة المالية ومن الصعب تمويلها.

back to top