أكدت «QNB» أنه كان هناك تركيز على تقنيات استغلال الغاز الصخري، الذي يتم الحصول عليه من خلال تكسير الصخور الطينية المسامية التي يوجد بها عن طريق ضخ المياه والرمال وزيوت التشحيم في آبار أفقية.

Ad

قال تقرير مجموعة QNB الأسبوعي إن التقنيات الجديدة تعمل في مجال استخراج النفط والغاز من الحقول، التي لم يكن استغلالها اقتصادياً في السابق على تغيير قواعد اللعبة في أسواق النفط والغاز العالمية، خصوصا في الولايات المتحدة.

وتشير التحليلات إلى أن الولايات المتحدة لن تصبح من الدول المصدرة للغاز الطبيعي في المستقبل القريب فحسب، بل أصبح من المحتمل أن تحقق الاكتفاء الذاتي من النفط.

وجاءت كل مصادر الطاقة الهيدروكربونية من المواد العضوية (سواء النباتات أو الحيوانات) التي كانت موجودة منذ ملايين السنين في البحيرات والبحار والغابات. وعلى مر الزمان دُفنت هذه المواد العضوية في باطن الأرض، وتعرضت لضغط ودرجات حرارة عالية، مما أدى إلى تحولها إلى نفط وغاز طبيعي وفحم في طبقات الصخور المسامية، مما جعل من السهل استخراجها وتحويلها إلى وقود. وباستثناء مناطق قليلة في العالم، مثل القطب الشمالي، هناك اعتقاد سائد بأن أغلب حقول النفط والغاز التقليدية في العالم قد تم اكتشافها. إضافة إلى ذلك، يبدو أن إنتاج النفط والغاز العالمي قد بلغ ذروته ويواجه تراجعا تدريجيا، غير أن حجم التراجع في الإنتاج التقليدي يقابله إنتاج جديد من حقول النفط والغاز "غير التقليدية".

تقنيات جديدة

وأضاف التقرير: هناك غموض في التفريق بين الحقول التقليدية وغير التقليدية، لكن بشكل عام تعتبر الحقول "غير التقليدية" هي الحقول التي يصعب استخراج النفط والغاز منها بسبب نوع الصخور الموجودة بها أو مستوى تركيز النفط والغاز في هذه الحقول أو التركيبة الكيمائية للنفط والغاز في هذه الحقول. وقد قامت شركات النفط والغاز خلال السنوات القليلة الماضية بتطوير تقنيات جديدة لاستغلال هذه الأنواع من حقول النفط والغاز.

وكان هناك تركيز على تقنيات استغلال الغاز الصخري والذي يتم الحصول عليه من خلال تكسير الصخور الطينية المسامية التي يوجد بها عن طريق ضخ المياه والرمال وزيوت التشحيم في آبار أفقية. ومن المتوقع أن تساعد تقنية التكسير هذه الولايات المتحدة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي في غضون أربع سنوات وتستطيع التصدير بعد ذلك.

يتم استخدام تقنيات مشابهة في استخراج النفط من الحقول التي لم يكن من الممكن استخراجه في السابق، والذي يعرف باسم "النفط الخفيف الربط" (Light Tight Oil)، والذي يوجد في طبقات الصخور الطينية والصخور الرملية من الأرض. وأهم مثال على إنتاج النفط الخفيف «الربط في الولايات المتحدة» في حقل باكن (Bakken) في ولاية داكوتا الشمالية.

وكان يتم استخراج النفط من هذا الحقل منذ فترة الخمسينيات من القرن الماضي لكن بكميات محدودة. غير أن تطبيق التقنيات الجديدة أدى إلى ارتفاع الإنتاج من 10 آلاف برميل يومياً في عام 2006 إلى 719 ألف برميل يومياً في شهر مارس 2013. وبشكل عام، تُقَدر إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن إنتاج النفط الخفيف الربط قد بلغ مليوني برميل يومياً في عام 2012، بارتفاع قدره 800 ألف برميل يومياً عن مستويات الإنتاج في عام 2011. كما أن حصة النفط الخفيف الربط من إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من النفط قد ارتفع من 11 في المئة في عام 2010 إلى 32 في المئة من عام 2012.

وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يرتفع إنتاج النفط الخفيف الربط بمعدل 800 ألف برميل أخرى بحلول عام 2020، حيث سيمثل ما يقارب 40 في المئة من إجمالي إنتاج النفط في الولايات المتحدة، كما أن أحدث توقعات وكالة الطاقة الدولية على المدى المتوسط، والتي صدرت في 14 مارس، تبدو أكثر تفاؤلاً، حيث تتوقع ارتفاع إنتاج النفط الخفيف الربط الأميركي بمعدل 1.5 مليون برميل يومياً بحلول عام 2018 مقارنة بمستويات عام 2012.

زيادة متوقعة

إن هذه التوقعات تعني أن الزيادة في إنتاج النفط الخفيف الربط الأميركي سيمثل أكثر من ربع الزيادة المتوقعة في إنتاج النفط على مستوى العالم حتى عام 2018، وحتى أكثر من الزيادة المتوقعة في إنتاج العراق من النفط خلال تلك الفترة.

كما أن شركة بريتيش بتروليوم تبدو أكثر تفاؤلاً من ذلك، حيث تتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الخفيف الربط الأميركي بمعدل 2.8 مليون برميل يومياً بحلول عام 2020.

وأضاف التقرير: في وقت سابق، توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يتجاوز إنتاج الولايات المتحدة من النفط معدلات الإنتاج في روسيا والمملكة العربية السعودية، وتصبح أكبر منتج للنفط في العالم (بما في ذلك إنتاج المكثفات وسوائل الغاز الطبيعي) بحلول عام 2017. كما أنها تتوقع أن تحقق الولايات المتحدة الاكتفاء الذاتي من الطاقة بحلول عام 2030، وذلك بالمقارنة مع استيراد الولايات المتحدة 45 في المئة من استهلاكها من النفط في عام 2011، لكن خارج الولايات المتحدة، لا تتوقع وكالة الطاقة الدولية تطورات مهمة في إنتاج النفط الخفيف الربط قبل نهاية العقد الحالي. ومثلما يحدث مع الغاز الصخري، ستكافح بقية دول العالم لاستنساخ الطفرة في إنتاج النفط الخفيف الربط في الولايات المتحدة بسبب عوامل محلية. وبشكل خاص، تمتلك الولايات المتحدة قطاعا قويا للخدمات النفطية وأسطولا ضخما من منصات الحفر التي تعتبر أساسية، نظراً لضخامة العمل المطلوب لاستخراج النفط الخفيف الربط مقارنة مع استخراج النفط من الحقول التقليدية (تعمل أكثر من 5,000 منصة حفر حالياً في حقل باكن وحده).

وتشير التقديرات إلى أن أكبر احتياطيات النفط الخفيف الربط تقع في مناطق شرق الصين. ويُقَدر المعهد الفدرالي للعلوم الجغرافية والمصادر الطبيعية في ألمانيا مخزون النفط الخفيف الربط الذي يمكن استخراجه في الصين بحوالي 300 مليار برميل، وهي تقديرات تتجاوز 10 أضعاف تقديرات المخزون (المتحفظة) في الولايات المتحدة.

أسواق عالمية

تأتي تقديرات شركة بريتيش بتروليوم أكثر تحفظاً، حيث تتوقع أن يبلغ حجم مخزون النفط الخفيف الربط الذي يمكن استخراجه من الناحية التقنية على مستوى العالم 240 مليار برميل. ورغم ذلك، فإن الشركة تتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الخفيف الربط على مستوى العالم بمقدار 9 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020، والذي سيمثل أكثر من نصف الارتفاع في إنتاج النفط العالمي خلال هذه الفترة.

وترى «QNB» أن هناك درجة مهمة من الغموض تكتنف مستقبل إنتاج النفط الخفيف الربط سواء في الولايات المتحدة أو على مستوى العالم. ورغم أن إنتاج النفط الخفيف الربط سيعزز بالتأكيد من إمدادات النفط في الأسواق العالمية، فإن ارتفاع تكلفة إنتاجه، والتي تتراوح حالياً بين 70-50 دولاراً للبرميل، تشير إلى أن النفط الخفيف الربط لن يمثل ضغطاً كبيراً على أسعار النفط في الأسواق العالمية.

من ناحيته، رحب خالد الفالح، رئيس ارامكو السعودية وكبيير إدارييها التنفيذيين، بتطوير إنتاج النفط الخفيف الربط خلال زيارته للولايات المتحدة مؤخراً، مشيرا إلى أن زيادة إنتاج النفط الخفيف الربط ستخفف من المخاوف حول أمن إمدادات النفط، وستعمل على تأمين الطلب على النفط على المدى البعيد في مواجهة مصادر الطاقة الأخرى، الأمر الذي سيدعم كبار منتجي النفط التقليدي.