خبيرة التنمية البشرية رنا العايدي: سلوك الطفل السلبي مسؤولية الأسرة قبل المجتمع

نشر في 09-02-2013 | 00:01
آخر تحديث 09-02-2013 | 00:01
ما مفهوم التنمية الاجتماعية؟ ما دورها في تكامل مؤسسات المجتمع والعائلة، وفي تصحيح سلوكيات خاطئة والارتقاء بالأبناء لتعزيز ثقتهم بنفسهم وتحفيزهم على التعبير عن ذواتهم؟
حول هذه الأسئلة وغيرها يدور الحوار التالي مع خبيرة التنمية البشرية وتطوير الذات رنا العايدي.
 ما الفرق بين مفهوم التنمية البشرية وتنمية الأسرة؟

التنمية البشرية علم شامل ومتكامل يبحث في الجوانب الحياتية للفرد، الصحية والنفسية والاجتماعية والمهارية والمهنية، ويهتمّ بتنمية الأسرة كونها العمود الفقري لأي مجتمع، وتصبّ تنميتها في نهاية المطاف في تنمية الوطن بأكمله.

 هل تختلف تطبيقات هذا التخصص على المجتمع العربي مقارنة بنظيره الغربي؟

بالطبع، يركز المجتمع الغربي على دور الأسرة في السنوات الست الأولى من حياة الطفل، بينما يعزو مجتمعنا العربي سلوك الطفل السلبي إلى ظروف خارجية، وبعد أن تتفاقم المشكلة يبدأ الوالدان البحث عن إمكانية إصلاح ما أفسداه، سواء من خلال  تدليل زائد أو قسوة مفرطة، وقد نستمع إلى عبارات شائعة مثل: «لم يكن أهلنا متعلمين مع ذلك ربونا على أكمل وجه» التي تعكس جهل الآباء بالتطورات السريعة في المجتمع، هنا يقول عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): «لا تربوا أبناءكم كما تربيتم فهم خلقوا لزمان غير زمانكم».

 ما رؤيتك لأساليب تنمية المجتمع التي تصطدم بالأعراف والتقاليد السائدة؟

لمجرد أن يتفوه أحدنا بعبارة «طبيب نفسي» يرتسم سؤال يتكرر دائمًا: لماذا طبيب نفسي؟ هل أنت مجنون؟ كذلك قد ترى الأسرة العربية في إمكانية وجود مرشد نفسي يعالج مشاكلها النفسية والأسرية نوعًا من تدخل غريب في حياتها...  يعكس هذا الواقع نقص الوعي بأهمية الدليل أو الموجه لأسس التربية الصحيحة داخل كل منزل، وتكون البداية من الآباء وليس الأبناء.

 ما دور خبير التنمية في علاج التفكك الأسري؟

بما أن النزاع بين الزوجين أهم أسباب التفكك الأسري، يأتي دور  خبير التنمية في مساعدة أفراد الأسرة على مواجهة الصعوبات والمشاكل والأزمات، عبر تنظيم ندوات ومحاضرات تهدف إلى زرع الثقة والاستقرار بينهم وغرس الحب والاحترام والرعاية والتعاون، يقول العالِم النفسي ألفريد أدلر إن العلاقة الأسرية مزيج من القوة والحنان بين دور الأب والأم.

 إلى أي مدى يساهم خبير التنمية في ضبط العلاقة بين الآباء والأبناء؟

يحتاج الزواج الناجح إلى أساسيات ضرورية، ومن الملاحظ في مجتمعاتنا أن هذه الأساسيات أو المفاهيم ليست مرتبة، فلكل زوجين خصائصهما وظروف ارتباطهما المختلفة، وقد تبدأ علاقتهما بالحب أو بالشعور بالانتماء أو كأنها علاقة طيبة، لكن ليس المهم كيف تبدأ، بل كيف تستمرّ بشكل صحيح، لذا يعمّق هذا التخصص أصول الصداقة والتعاون والحب والاحترام بين أفراد الأسرة في المراحل العمرية كافة سواء للآباء أوالأبناء.

كيف تسهم التنمية البشرية في تحقيق المراهق  لذاته وتواصله مع أسرته ومجتمعه؟

تعمل التنمية البشرية على: تلبية احتياجات المراهق، تركيز الإنجازات على نقاط القوة، زرع مشاعر الحب والانتماء من خلال توصية الآباء على إبداء المشاعر الإيجابية، اختيار ألفاظ تشجيعية وألقاب معززة لدى التوجه إلى المراهق وتقديم هدايا له، إشراك الأبناء في دور اجتماعي مناسب داخل المنزل وخارجه ليحققوا ذاتهم، وفي مسؤوليات مقبولة مجتمعياً ومحببة لديهم.

 كيف يمكن خروج بعض كبار السن من العزلة الاجتماعية؟

أقسى ما يواجهه كبار السن شعورهم بالعزلة الاجتماعية، وأنهم بعد كل ما قدموه من عطاء لم يعد لديهم أدنى فائدة، فيفقدون ثقتهم بأنفسهم باعتبارهم مرفوضين وغير مرغوب بهم. لذا يجب إشراكهم  في نشاطات خفيفة كالتجمعات الأسرية الأسبوعية، الخروج إلى منتزهات ومشاهدة ألعاب رياضية يحبونها، عدم الانتقاد أو التذمر منهم، إحاطتهم بدفء أسري.

  كيف تتحقق تنمية الأسرة على ضوء المتغيرات السلوكية  في بعض المجتمعات العربية؟

أثرت إفرازات الحضارة الحديثة في مجتمعاتنا العربية، ما أدى إلى تغير السلوكيات عما كانت عليه في الماضي، وقد يكون هذا أمراً إيجابياً، من هنا لا بد للآباء من أن يعوا أن هذه المتغيرات تتوازى مع طرق التربية الحديثة،  ويعملوا على الحفاظ على التوازن الأسري والالتزام بمبادئ تضعها الأسرة للسيطرة على سلبيات وقيم لا تتناسب مع طبيعتنا الشرقية.  

كيف يتكامل دور الإعلام مع مجال التنمية البشرية للوصول إلى أسرة ومجتمع مثاليين؟

الإعلام أداة محركة لكل مادة علمية بهدف إيصالها بصورة إيجابية، ومن الضروري تركيز وسائله المختلفة على أهمية التنمية البشرية كعلم وطريقة لتغيير السلوكيات السلبية، وتعزيز السلوكيات الإيجابية داخل مجتمعنا العربي.

ما إمكان تطبيق مجال التنمية في  المدارس والجامعات؟

تحتاج المؤسسات التعليمية إلى خدمات التوجيه والإرشاد النفسي، التواصل مع الأسرة وإجراء بحث اجتماعي عن حالة الطلاب ووضع برامج تنفيذية لتعديل السلوك وتطويره، ولا بد من أن يساعد وجود خبير في التنمية البشرية في المدارس والجامعات، الطلاب على تقبل أنفسهم كأفراد في المجتمع، التفكير الحرّ والتعبير عن مشاعرهم بموضوعية، تعزيز إمكاناتهم في اتخاذ قرارات تتعلق بأمورهم الشخصية والاجتماعية، كذلك يساعد أولياء الأمور على تكوين اتجاه مرن حول قدرات أبنائهم وميولهم.

back to top